طلب فتوى
البيعالتبرعاتالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

بيع أرض موقوفة على مسجد لتكملة بنائه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5554)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قطعة أرضٍ بها أشجار زيتون بمحلّة المغاربة، موقوفة لجامع بن محفوظ بمحلة تغسات غريان، وبما أن المسجد المذكور يحتاج إلى مبلغ من المال لإكمال التوسعة، قررتِ اللجنةٌ المشرفةُ بيع القطعةِ الموقوفةِ بثمن المثل؛ لتكملة توسعة المسجد، فهل يجوز للجنة المسجد بيعُ القطعة الموقوفة، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالأصلُ ألّا يُتصرّفَ في أرض الوقفِ بأيّ نوعٍ من أنواع التصرفاتِ، التي تُذهب عينها؛ لما في ذلك من التعدّي على الحبُس والتّبديل لغرض المحبِّس، والله تعالى يقول: (‌فَمَنۢ ‌بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓۚ) [البقرة: 181]، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، في أرض أراد أن يُحبِّسها: (…لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ) [البخاري: 2764]، وقال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلاَ يُبَاعُ الحُبُسُ وَإِنْ خَرِبَ” [الرسالة: 119].

وقد استثنى الفقهاء أرضَ الوقفِ تباعُ إذا احتيج إليها في توسعةِ المسجد، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ وَاحْتَاجَ إلَى تَوْسِعَةٍ وَبِجَانِبِهِ عَقَارٌ حُبْسٌ أَوْ مِلْكٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحُبْسِ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْحُبْسِ أَوْ صَاحِبُ الْمِلْكِ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِ الْحُبْسِ مَا يُجْعَلُ حُبْسًا كَالْأَوَّلِ” [7/95]، وإذا جازَ بيع أرضِ الوقفِ لأجل التوسعة، فبيعهُ لأجل إتمام بناء التوسعة جائزٌ مِن باب أوْلى بشرط أن يكون المسجد على وضعه الحالي لا يسع المصلين.

عليه؛ فإذا لم يوجد مالٌ للمسجد لإكمال التّوسعة إلّا ببيع الأرض الموقوفة عليهِ، فلا بأسَ ببيعها، وصرفِ ثمنها في إكمالِ التوسعة بشرط أن يكون المسجد قد ضاق بأهله، وبشرطِ أن يوضعَ المال في الضرورياتِ فقط، ولا يصرف منه في الكماليّات والأمور التّحسينيةِ، ثمّ إذا بقي شيءٌ من ثمن الأرض بعد ذلكَ، فتُشتَرى به أرضٌ أخرَى للمسجدِ إن أمكنَ، أو يسهمَ به في وقفٍ آخرَ، بدلَ الأرض التي بيعتْ حتى لا يضيع الوقف، وإنْ أمكنَ جمع مالٍ من التبرعات ونحو ذلك لإكمال توسعة المسجد، فينبغي ألّا يُبَاعَ الْحبسُ، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29//شعبان//1445هـ

10//03//2024م  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق