طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

تبيين بيع ميراث وقسمة في وثيقة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4236)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة ما نصه: (إنه في الرابع من شهر الصيف سنة 1994م، باع الطرف الأول الحاج ع لشقيقه م جميع وكامل منابه في إرثه من والده في البر والبحر.. وثمن هذا البيع 15000 دينار،… سلمها الطرف الثاني للطرف الأول … ذكر الشهود والتصديق من أمين اللجنة الشعبية الكويفية)، وفي وثيقة المكتب القانوني تحت عنوان (عقد بيع حصة من ميراث) ما نصه: (إنه في يوم الأحد الموافق 5/6/1994م، قد اتفق كل من: الأخ/ ع-طرف أول بائع، والأخ/ م-طرف ثان مشتري، حيث اتفق الطرفان وهما بكامل الأهلية وبموجب هذا العقد باع وأسقط ومَلّكَ الطرف الأول للطرف الثاني كامل نصيبه وحصته من ميراث والدهم المرحوم ض، وحصته من الميراث موضحة في العقارات المبينة فيما يلي: نصيبه في سانية بمنطقة الكويفية، ونصيبه في منازل بشارع قصر حمد بنغازي، ونصيبه في سانية بمنطقة اللثامة، ونصيبه في أرض زراعة فضاء بمنطقة الكثوي، على أن يكون هذا البيع بثمن ومقابل قدره 15000 د.ل ثم ذكر إقرار الطرفين باستلام كلٍّ ما ينوبه من العقد وإبراء الطرف الآخر ثم ختم المكتب القانوني ومحل لتوقيع الطرفين والشهود ولا أثر لتوقيعهم في الصورة المرفقة) وقد توفى البائعان، وظهرت أرضٌ لم يعلم بها ورثتهما إلّا الآن، انجرت إلى والد البائعين من إرثه في أمه، كانت قد أخذها أناس بالمغارسة ولم تقسم، ولم يسلموها للورثة إلا الآن، وورثة البائعين غير متيقنين من عدم علم البائعين لهذه الأرض، علمًا بأن أحد أولاد البائع أخبر أنه سمع والده رحمه الله يقول: (لو تطلع قطعة أرض في البحر من إرث والدي فهي لـ: م أخي)، فما حكم هذا العقد؟ ولمن الحق في نصيب ع من الأرض المذكورة؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن كان الحال كما ذكر، فالبيع المذكور صحيح؛ وإن لم يذكر فيه نصيب البائع من التركة؛ لأنه يكفي ذكر الوارث في معرفة نصيبه، قال الرهوني رحمه الله: “إِذَا سَقَطَ مِنَ الْعَقْدِ ذِكْرُ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ فَلَيْسَتْ بِفَاسِدَةٍ وَلاَ يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَن يُفْتِيَ بِفَسَادِهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ … وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ كُلّاً أَوْ جُزْءاً … وَقَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَحْمُولاَنِ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَلَمْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ كُلاًّ” [حاشية الرهوني على شرح الزرقاني: 5/58-59]، وجاء في المعيار: “… نَصُّ قَوْلِ الْمِتِّيطِي. قَالَ فِي وَثَائِقِهِ: تَسْمِيَتُنَا لِلْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ فِي الْعَقْدِ أَوْلَى، إِلاَّ أَن تَكُونَ انْجَرَّتْ إِلَيْهِ عَنْ مِيرَاثٍ مَعْرُوفٍ، فَتَذْكُرَ ذَلِكَ. وَيُجْزِئُ عَن تَعْيِينِ الْحِصَّةِ، لِأَّنَّ مِيرَاثَهُ عَنِ الْمَوْرُوثِ الْمُسَمَّى مَعْلُومٌ” [المعيار المعرب: 6/538].

وأما الأرض التي انجرت لورثة المتبايعين من إرث لم يقسم ويعلم به إلا الآن، فغير داخلة في عقد البيع المذكور، ولا يشمله العموم؛ لعدم علم المتبايعين به، بدليل عدم ذكره في تفصيل المبيع حسب ما فصلت وثيقة المكتب القانوني، فحكمه حكم المال الطارئ على المتعاقدين بعد العقد ولم يعلما به، قال الشيخ محمد بن يوسف السنوسي رحمه الله – في ثنايا جوابه عن صلح وقع عن كل ما يتمول أو يطلق عليه اسم مال من الإرث، وفصلت الوثيقة بعض ذلك، ثم أراد أحد المتصالحين الرجوع على الآخر بشيء لم تفصله الوثيقة، لكنه ذكر مجملا في العقد أولًا – قال: “أَنَّ هَذَا لاَ يُشْبِهُ الْمَالَ الطَّارِئَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الطَّارِئَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ حَوْزٌ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَصَالِحَيْنِ، وَلاَ عِلْمَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَالُ الطَّارِئُ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ صُلْحِهِمَا” [المعيار المعرب: 6/539].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالأرض المذكورة التي لم تُقسَم وتُعلَم إلا الآن، باقيةٌ على ملك البائع ع، ولورثته من بعده، لا يشملها عقد بيع نصيبه من أبيه لأخيه م، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25//محرم//1442هـ

13//9//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق