طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالفتاوىاللقطةالمعاملات

حكم الجمعية المسماة جمعية الموظفين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5429)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم الجمعية التي تكون بين الأهل أو الموظفين، بحيث يدفع شهريا كلُّ واحد مبلغا ماليا، ويدور الاستلام بينهم حتى يأخذوا جميعا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ الجمعية المالية التي يقوم بها الناس هي مِن قبيل القرض، الذي يراد منه التعاون والمعروف، وقد شرط العلماء في القرض أن يكون نفعه خالصًا للمقترض، لا للمقرض، وأطلقوا القاعدة المعروفة: كل سلف جرَّ نفعًا فهو ربا، قال العدوي عند قول ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله في الرسالة “وَلَا يَجُوزُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً”: “أَيْ: لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ، بِأَنْ جَرَّ لِلْمُقْرِضِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ نَاحِيَتِهِ، فَلَا يَقَعُ جَائِزًا إِلَّا إِذَا تَمَحَّضَ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ” [حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني: 2/163].

فإذا عاد النفع منه على المقترض والمقرِض معًا، كما في صورة الجمعية، فإن الواحد منهم لا يُقْرِضُ صاحبه، إلا على شرط أن يقترضَ منه مستقبلا، فقد اختلف العلماء في حكم هذا القرض، والمعتمد عند المالكية المنع؛ لشبهة أن السلف جر منفعة للمقرض، وهم يشترطون تَمَحُّضَ النفع للمقترض وحده، كما سبق، غير أن علماء الشافعية نصُّوا على الجواز في هذه المسألة بعينها، وغلّبوا جانب التعاون والحاجة على جانب الشبهة، فقد جاء في حاشية قليوبي على منهاج الطالبين، في فقه الشافعية: “الْجُمُعَةُ ‌الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ، بِأَنْ تَأْخُذَ امْرَأَةٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُنَّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ، وَتَدْفَعُهُ لِوَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، إلَى آخِرِهِنَّ جَائِزَةٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ” [حاشية قليوبي: 2/321].

وعليه؛ فيجوز القيام بهذه الجمعية، عملا بقول علماء الشافعية؛ لما فيه من مراعاةِ حاجةِ الناس الشديدةِ في قضاء مصالحهم للاقتراض، وقلة من يبذلُ القرضَ الحسن، ولأن اتجاه الناس عند الحاجة إلى مثل هذه الجمعيات، التي ورد القول بجوازها عن بعض العلماء؛ يغنيهم ولا يحوجهم إلى الاقتراض بالرّبا، فذلك خيرٌ وأولى، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//جمادى الآخرة//1445هـ

19//12//2023م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق