طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىالمساجد

حكم حجز الأماكن للصلاة في الصفوف الأولى

حكم رفع الصوت بالقرآن في المسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4687)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

هناك مجموعةٌ من المصلين في مسجد قريتنا، يحجزون الأماكن في الصفوف الأولى بسجادات بعد صلاة الفجر من يوم الجمعة، ثم يتأخرون في المجيء للصلاة، بل إن بعضهم يأتي بعد الأذان الثاني، فما حكم فعلهم؟ وماحكم قراءة القرآن الكريم داخل المسجد بصوت عالٍ، يشوشُ على المصلين؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ حجز المصلي للأماكن بهذه الطريقة، يعدّ من التحجير في المباح؛ لأن الجلوس في المسجد مباح لكل أحد لا يحق لأحد منع الآخرين منه، بصورة من الصور، وهو في المسجد يوم الجمعة مما يؤدي إلى محظورات منها: تخطي رقاب الناس المنهي عنه، وذلك بعد عودته المتأخرة من بيته أو من شغله وحاجته الطويلة، ومنها أن فيه اغتصابا لمَكانٍ مَن سَبَقَ إليه فهو أولى به، ومخالفةً لما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم، في هذا الشأن فإنه لم يؤثر عنهم فعل ذلك، ومنها منع السابقين إلى المسجد من أن يصلوا في المكان المحجوز وهو تعدّ، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: 87]، والمطلوب شرعا في المسجد أنّ الناس يُتِمُّونَ الصف الأول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا َتصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالُوا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصُّفُوفِ) [مسلم: 430]، فالسابق يستحقّ الصلاة في ذلك الصف المقدم، وهو مأمورٌ بذلك أيضًا، ولا يتمكن من فعل هذا المأمور واستيفاء هذا الحق إلا برفعِ ذلك المفروش، فإذا وَضع من هذا حاله كرسيا أو سجادةً، فلمَن سبقه إلى المسجد أن يرفعَ ذلك ويصلّي موضعه، ما لم تؤدِّ الإزالة لمنكر أعظم؛ بأن يكون صاحب السجادة يزداد عدوانه إذا أزيلت سجادته؛ فإنه يُتقى شره ويترك ويبوء بإثم تعدّيه.

أما إذا كان المصلي جالسا في الصف الأول وخرج لحاجة يسيرة كإعادة الوضوء ونحوه، ثم رجع لمكانه الذي كان قد حجزه بسجادة ونحوها فإن يكون أحق به، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَهْوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ) [الترمذي: 2751].

ولا ينبغي رفعُ الصوتِ بالقرآن في المسجد؛ لأنه يشوش على المصلين والتالين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ) [السنن الكبرى: 3346]، وقد كره الإمام مالك رفع الصوت بالعلم وبغيره في المسجد، قال ابن بطال رحمه الله: “ذَهَبَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ أَنَّهُ لاَ يُرْفَعُ الصَّوْتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعِلْمِ وَلاَ غَيْرِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ قَدِيماً يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مَحَلُّهُ، وَمَا لِلْعِلْمِ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، إِنِّي لَأَكْرَهُ ذَلِكَ، وَلاَ أَرَى فِيهِ خَيْراً رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ” [شرح البخاري لابن بطال: 2/119]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//ربيع الأول//1443هـ

25//10//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق