طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

قسمة تركة ظالمة غير عادلة

تقدير الأثمان يكون بالرجوع لأهل الخبرة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4409)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قام الورثةُ الذكورُ للمرحوم ع باقتراح اتفاقٍ لتوزيعِ ما تبقّى من ميراثِ أبيهم، (وهو عبارة عن منزل بمنطقة قرقارش بطرابلس، وورشة في المطرد)، إضافة إلى قطعتي أرض لوالدتهم بمنطقة المطرد، وكان مِن بنود هذا الاتفاق أن تبقَى العقارات بيد الأبناءِ، ويعطُوا البنات مبالغ مالية عوضًا عن حصتهم فيها، فيختصّ أحد الأبناءِ بالمنزل في طرابلس، ويقتسم اثنان آخرانِ قطعتي الأرض، والورشةُ تكونُ للاثنين الباقيين، ونظرًا لعدم قدرة الأبناء على تحمل قيمة العقارات المذكورة، قاموا بتقديرِ أثمانها بأسعار رمزيةٍ، دون الرجوع لأهل الخبرة، فما حكم قسمة التركة بهذه الطريقة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالأصل في التركة أن تقسم على جميعِ الورثة، حسب الفريضة الشرعية، المقدّرة في كتابِ الله، قال الله عز وجل: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء:7].

والعقارات إذا لم يمكن أن تقسم على الورثة، إلا بحصول ضرر على بعضهم، كأن يأخذ جزءًا يسيرًا لا يمكنه الانتفاع به، فيتعين البيع إذا طالب به بعضُ الورثة، ويُـجْبر عليه مَن أَباه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَمَا انْقَسَمَ بِلَا َضَرَرٍ قُسِمَ مِنْ رَبْعٍ وَعَقَارٍ، وَمَا لَمْ يَنْقَسِمْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فَمَنْ دَعا إِلَى البَيْعِ أَجبَر عليه مَن أَبَاه” [الرسالة:136]. وإذا أراد بعض الورثة الاحتفاظ بالعقار وشراء حصة الباقين، فلا يجوز له أن يفرض عليهم سعرًا محدّدًا في نظير حصتهم، بل يكون التقويم بسعر السوق وقت القسمة، بمعرفة أهل الخبرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسلِمٍ إِلَّا عَن طِيبِ نَفْسٍ مِنْه) [سنن النسائي الكبرى:11325].

فإن تصالح الورثة على توزيع التركة بينهم -بعد أن علم كلّ منهم ما يصح له من التركة- ورضي الأخواتُ بالتنازل عن بعض حقهنّ لإخوتهم الذكورِ، فلا مانعَ من ذلك، إلّا أن يكون مِن قبيل ما يفعله بعضُ الإخوة مع أخواتهم، مِن أخذِ حصتهن بسيفِ الحياء، فهو مِن الظلم، وأكل المال بالباطل، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَّظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) [الفرقان:19]، ويقول: (يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) [النساء:29]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن ظَلَمَ قيد شِبرٍ منَ الأرضِ طوّقَهُ مِن سَبْعِ أَرَضِين) [البخاري:2453،مسلم:1612].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فلا تصح قسمة التركة حسب الطريقةِ المذكورةِ في السؤال؛ لما فيها مِن ظلم للبناتِ وبخسِ حقهنّ في الميراث، فإذا بيّنت لهن حقوقهن كاملةً، ومُكِّنَّ مِن أخذِها، ثم بعد ذلكَ رضِينَ بالتنازلِ عن بعضها للذكورِ، فلا مانعَ من ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20//رجب//1442هـ

04//03//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق