طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

حكم تقسيم الأب لأملاكه على أولاده

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2123)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

نحن أبناء عمومة، نملك أرضا في منطقة معروفة، قام جدنا الأول بقسمتها على أولاده، منذ مدة تزيد عن مائة سنة، ثم أعيد تثبيت الحدود منذ خمسين سنة مضت، وتصرف الأولاد وأولادهم في الأراضي تصرف الملاك، في حياة والدهم وبعدها، بجميع أنواع التصرف؛ من زراعة، وحفر آبار، وبيع وشراء، ومنازعة على الحدود طيلة المدة السابقة، ولم يحصل نزاع بين الأولاد، والآن وبعد هذه المدة الطويلة، يريد بعض أبناء الورثة نقض القسمة، بحجة أن القسمة لم تكن عادلة، ومعيار القسمة تغير، فقد قسمت في السابق بناء على إنتاجها، واليوم باعتبار قيمتها، فهل من حقهم طلب نقض القسمة اليوم بهذا التبرير؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما فعله الجد من قسمة ممتلكاته على أولاده، يعد من قبيل الهبة، وحيازة الأولاد لها، وتصرفهم فيها تصرف الملاك في حياة والدهم، تصيرها نافذة شرعًا، يتملك بموجبها كل موهوب له ما وُهب له، وليس من حق أحد منازعته فيه؛ لتوافر شرطها، وهو الحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث” [الرسالة:117]، وفي (الموطأ) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية، ما من الناس أحدٌ أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله” [الموطأ:2202].

عليه؛ فإذا كان الحال كما ذكر، وقسمت الأرض على الأولاد، ورضوا بهذه الهبات جميعًا، وحازوا الأراضي، وتصرفوا فيها تصرف الملاك؛ كما ذكر في السؤال، فالهبات صحيحة نافذة شرعًا، وليس للأولاد ولا ورثتهم التعرض لهذه الهبات بالنقض، ولا التغيير؛ لأنها صارت بموجبها ملكًا للموهوب لهم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

16/صفر/1436هـ

2014/12/09م

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق