طلب فتوى
العقيدةالفتاوى

حكم نبش القبور لإخراج سحر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2124)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

تعاني شقيقتي (س) من مشاكل صحية منذ سنوات، وذهبت إلى كثير من الدكاترة المختصين، داخل البلاد وخارجها، ولكنهم جزموا بأنها سليمة من الناحية العضوية، بل أصررنا مرة على إجراء عملية جراحية للتأكد، وتم ذلك ولم يظهر شيء، فذهبنا إلى عدد من المشايخ المعالجين بالقرآن، واستقر بنا العلاج في مركز التوحيد، عند الشيخ إبراهيم ابن الشيخ المبروك بن فضل، وبعد عدة جلسات تحسنت حال المريضة، ونطق الجني على لسانها بأنها مسحورة بسبب ساحر من غانا، اسمه (ص)، وذكر أن السحر موجود في القبر الفلاني، فأرسل الراقي معنا ماءً مرقيا لسكبه على القبر المذكور، فلما ذهبنا إلى المقبرة أصيبت المريضة بحالة عصبية حادة جدا، فغلب على ظننا صحة ذلك.

ونريد الآن استخراج السحر من القبر لإعدامه، حتى يتم الشفاء وترتاح المريضة، التي تعذبت سنين، وهذا الأمر مجرب ومشتهر بين المعالجين، فهل يجوز نبش القبر لهذه المصلحة؟ مع التكفل بالحفاظ على حرمة الميت، وإرجاع القبر كما كان.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن للقبر حرمته؛ وهو حبس على الميت، لا يجوز التعدي عليه وانتهاك حرمته، ومن ذلك نبشه، فلا يجوز ما دام فيه عظام للميت لم تبل، إلا لضرورة؛ وفي الحديث: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) [أبوداود:3207]، وقال الدردير رحمه الله: “(والقبر حبس على الميت لا ينبش): أي يحرم نبشه (ما دام) الميت (به): أي فيه، (إلا لضرورة) شرعية؛ كضيق المسجد الجامع، أو دفن آخر معه عند الضيق، أو كان القبر في ملك غيره وأراد إخراجه منه، أو كفن بمال الغير بلا إذنه، وأراد ربه أخذه قبل تغيره، أو دفن معه مال من حلي أو غيره، ومفهوم “ما دام” أنه إذا علم أن الأرض أكلته، ولم يبق شيء من عظامه، فإنه ينبش؛ لكن للدفن أو اتخاذ محلها مسجدا، لا للزرع والبناء” [الشرح الصغير:577/1]، وقال ابن أبي زيد رحمه الله: “من (كتاب ابن سَحْنُون): وإذا ذكر بعد الدفن أنهم نسوا في القبر كيسا، أو ثوبا لرجل، فإن كان بحدثان ذلك، نبش، وأخرجوا ذلك، فإن طال ذلك، وشاءوا أن يعطوا صاحب الثوب قيمة ثوبه، فذلك لهم، وإلا فلهم أن ينبشوه، ويخرجوا ما نسوا” [النوادر والزيادات:641/1].

وعليه؛ فإن لم يكن ثَمّ طريقة أخرى البتة لإبطال السحر إلا باستخراج السحر وإتلافه، فيجوز حينئذ – إن شاء الله – نبش القبر، مع الحذر والتوقي، بعد أخذ الإذن من وزارة الأوقاف والجهات المسؤولة؛ لأن إنقاذ حياة المريض من الضرورات، والحي أولى من الميت، وهو أولى من نبش القبر لاستخراج مال، وقد قال ابن عبد البر رحمه الله: “لا بأس باستخراج الموتى من قبورهم إن وجد إلى ذلك ضرورة، فأريد به الخير” [الاستذكار:344/14]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17/صفر/1436هـ

10/2014/12م

        

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق