طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

هل عقوق الولد يبيح حرمانه من الميراث؟

الحرمان من الميراث

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4114)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

منزلنا يقع في منطقة الخلة، وقد تهدم بسب الاشتباكات، ولدينا ثلاث بنات وسبعة أولاد ذكور، فأقمنا عند إحدى بناتنا ثلاثة أشهر، ثم قامت بطردنا، وكذلك البنتان الأخريان، وأساءوا معاملتنا، وأولادنا السبعة نازحون أيضًا، وظروفهم صعبة، ولا نستطيع أن نقيم عندهم، نريد أن نحرم بناتنا من الميراث، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه إذا كان للأبِ أولادٌ بعضُهم بارٌّ به وبعضُهم عاقٌّ له، فلا بأسَ أن يخصَّ البارين به ببعضِ أملاكه؛ تشجيعًا لهم على برِّهم، وتأديبًا للعاقين، ففي البيان والتحصيل: “وَسُئِلَ مَالِكٌ: عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ فَيَبَرُّهُ بَعْضُهُمْ، فَيُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ بَعْضٍ، أَذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، لاَ بَأْسَ بِهِ، ذَلِكَ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّمَا أَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يُعْطِي الرَّجُلُ الْعَطِيَّةَ لِمَنْ يَبَرُّهُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إِلَى تَفْضِيلِ بَعْضِ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَعْطَى الْبَارَّ جَزَاءً عَلَى بِرِّهِ، وَحَرَمَ الْعَاقَّ أَدَبًا لِعُقُوقِهِ، فَلَا مَكْرُوهَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَيَخُصَّهُ بِعَطِيَّةٍ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى أَنْ يَعُقَّهُ الَّذِي حَرَمَهُ عَطِيَّتَهُ، أَوْ يُقَصِّرَ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْبِرِّ بِهِ” [13/400].

أما الوصية بالحرمان من الميراث فلا تجوز؛ لأنّ اللهَ قسمَ الفرائضَ في كتابه، ولم يكلْ أمرَها إلى أحدٍ، قال الله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء:7].

وأما طردُ الولدِ والدَيهِ مِن بيتهِ فهو مِن الموبقاتِ المهلكاتِ، ومِن العقوقِ الذي يستوجبُ النارَ؛ فإن الله تعالى يقول: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:24،23]، وعن عُبيد بن عُمير عن أبيه، أنه حدَّثه -وكانت له صحبة- أن رجلًا سأل النبيّ صلى الله عليه وسلمَ فقال: يا رسولَ الله، ما الكبائرُ؟ فقال: (هُنَّ تِسْعٌ…) وذكر منها: (وعُقُوقُ الوالدَينِ المُسلمَينِ) [أبوداود:2875]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23// جمادى الآخرة// 1441هـ

18// 02// 2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق