طلب فتوى
الشركةالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

هل يجوز تأخير قسمة العقار الموروث بحجة انحطاط سعره؟

ما الذي يجب اتباعه في قسمة العقار الموروث؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4825)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي والدي وترك منزل العائلة، وهو عبارة عن عمارة بها ست شقق وموقف للسيارات وجنان، فتم تثمينه من قبل ثلاثة مكاتب عقارية، وكانت الأسعار متقاربة، غير أن المشترين عرضُوا علينا أقل هذه التقييمات؛ نظرًا للكساد الذي يمرُّ به العقار في بنغازي، فرفضَ بعض الورثة البيعَ، بحجة أن العقار يمكن أن يباع بسعر أكثر، وتم عرض المنزل في عدة مكاتب، ولمدة سنتين، ولم يتحصلوا على السعر المرغوب فيه، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فمن أراد من الورثة بيع حصته من التركة، فينظر إن كان العقار يقبل القسمة دون ضرر، بحيث كان ثمن الحصص لا ينقصُ إن باع كلٌّ حصته منفردًا، فالواجب حينئذ قسمة العقار، وإن كان العقار لا يقبل القسمة أصلا أو لا يقبلها إلا بضرر بيع العقار كلّه وقسم ثمنه، وهذا في كل عقار سواء كان يرادُ للكراء وغيرهِ على ما هو إطلاق المذهب، وقيده ابنُ رشد وغيره في غير الرباع التي تراد للغلّة، ومحصّل كلامهم الذي ذكره الزّرقاني في التوفيق بين إطلاق المذهب وتقييد ابن رشد؛ أنه إن كان العقار الذي لا يقبل القسمة تنقص قيمته إن بيع مجزءًا، فيجبر على البيع مَن أباه، وإن كانت قيمة بيعه مجزءًا لا تنقصه، فلا يجبر على البيع من أباه، قال الزّرقاني رحمه الله: “(لاَ) إِنِ اشْتَرَيَا مَعاً (‌كَرَبْعِ ‌غَلَّةٍ) أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ فُرْنٍ فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ لِعَدَمِ نَقْصِ مَا بِيعَ مِنْهُ مُفْرَداً عَادَةً بَلْ قَدْ يُرْغَبُ فِي شِرَاءِ الشِّقْصِ دُونَ الْجَمِيعِ فَإِنِ اعْتِيدَ نَقْصُهَا جُبِرَ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ” [شرح الزرقاني على المختصر: 6/373].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فيرجع لأهل الخبرة بالعقار، فإن قالوا إنّ العقار الموصوف يقبلُ القسمة بين الورثة دونَ ضرر يلحقهم، فالواجبُ قسمته بينهم، إذا طلبها أحدُ الأطراف، ولكل وارثٍ أن يتصرفَ في نصيبه كما شاءَ، أما إذا كان العقار لا يقبلُ القسمة بين الورثة إلَّا بضرر يلحقهم، بحيث لا ينتفع كلٌّ بنصيبه بصورٍة صحيحةٍ، فإنّه يباعُ بما لا يقلّ عن سعرِ السّوق في وقت تقرر البيع، ولا ينظر إلى كون العقار لو بيع في وقت آخر يكون سعره أعلى بل العبرة بسعر السوق وقت البيع؛ لأنه يمكن لمن باع في هذا الوقت أن يشتري أيضا برخص، وفيما يتعلق باختلاف المقومين فإن وجد من يشتري بالتقويم الوسط، أو الأعلى فالواجب أن يباع له، وإن لم يوجد من يشتري إلا بالتقويم الأحطّ فلا حق لأحد في الاعتراض عن البيع له، ويُعطَى كلُّ وارثٍ نصيبَه مِن ثمن العقار إذا بيع، ومَن رفضَ البيع فإنّه يُجبرُ عليهِ؛ لقول الرّسول صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار) [ابن ماجه: 2341]، قال ابنُ فرحون رحمه الله: “وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ أَوْ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ، يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْبَيْعِ مَنْ أَبَاهُ إذَا طَلَبَ الْبَيْعَ أَحَدُهُمَا” [تبصرة الحكام: 2/214]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//رمضان//1443هـ

04//04//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق