طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىالمساجد

أداء صلاة الجماعة في رحبة المسجد بسبب الحر الشديد

الصلاة في فناء المسجد بدل بيت الصلاة في المسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4641)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

في فترة انقطاع الكهرباء، قام المصلون في مسجدِ أبي جريدة بالصلاة في الفناء الخارجي للمسجد، نظرًا لارتفاعِ درجةِ الحرارة، وعدم وجود مولدات، فأنكرَ عليهم البعضُ الصلاةَ في الفناء الخارجي، فما الحكم الشرعيّ في هذه المسألة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن إقامة صلاة الجماعة في المساجد سنةٌ مؤكدةٌ، قال الدردير رحمه الله: “(الْجَمَاعَةُ) أَيْ فِعْلُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً أَيْ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ (بِفَرْضٍ) وَلَوْ فَائِتَةً (غَيْرَ جُمُعَةٍ) (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ”، قال الدسوقي رحمه الله محشيًا: “(قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةُ)… وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ… وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ: إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالْبَلَدِ يُقَاتَلُ أَهْلُهَا عَلَيْهَا إذَا تَرَكُوهَا وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَمَنْدُوبَةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، قَالَ الْأَبِيُّ: وَهَذَا أَقْرَبُ لِلتَّحْقِيقِ، وَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كِلْتَا الطَّرِيقَتَيْنِ صَحِيحٌ، فَمَعْنَاهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ سُنَّةٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي الْبَلَدِ، وَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ إقَامَتُهَا بِكُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ” [الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: 1/320،319]، وإقامة الجماعة في غير المساجد أقل ثوابًا من إقامتها في المساجد، ورحبةُ المسجد لا تأخذُ حكمه إلا إذا ضاقَ المسجد بالمصلين، فلا يصحُّ الاعتكافُ فيها، ولا صلاة الجمعة فيها، إلّا إذا ضاَق المسجد أو اتصلتِ الصفوف، قال الخرشي رحمه الله عند قول خليل رحمه الله: (إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ وَتَجِبُ بِهِ فَالْجَامِعُ ممَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) “الْجَامِعُ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ دَائِمًا لَا الصِّحَّةُ فِي الْجُمْلَةِ فَتَخْرُجُ رَحْبَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ دَائِمًا وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِيهَا مَعَ ضِيقِ الْجَامِعِ وَاتِّصَالِ الصُّفُوفِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يَعْتَكِفُ فِي ‌رَحْبَةِ ‌الْمَسْجِدِ فَالْمُرَادُ بِالرَّحْبَةِ فِيهِ صَحْنُهُ”[شرح الخرشي على مختصر خليل: 2/267] وفي الموطأ: قال مالك رحمه الله: “أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‌بَنَى ‌رَحْبَةً فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، تُسَمَّى الْبُطَيْحَاءَ، وَقَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَلْغَطَ أَوْ يُنْشِدَ شِعْرًا، أَوْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ، فلْيَخْرُجْ إِلَى هَذِهِ الرَّحْبَةِ” [الموطأ: 93]، وشدة الحرّ ليستْ عذرًا للصلاة خارجَ المسجد، فعنْ خَبَّابٍ قَالَ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا. أي: لم يُزل شكوانا) [مسلم: 619]، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ) [البخاري: 385].

وعليه؛ فإن صلاة المصلين خارجَ المسجدِ صحيحةٌ وإن كانت ناقصةَ الأجر، والأولَى إقامة الجماعة في المسجد والسعيُ في تهويته، حتى لا يعطلَ المسجدُ ولو في بعض الصلواتِ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

11//صفر//1443هـ

19//09//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق