الأدب مع الله
الأدب مع الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فقد حثَّنا ربُّنا سبحانه على التأدب في الكلام، واستعمال الحسن من الألفاظ، والبعد عن السيئ من الأقوال، فقال جل في علاه:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83]، وقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:30].
بل أرشدنا سبحانه إلى الابتعاد عن الألفاظ التي قد يُساء فهمها، أو قد تُحْمَل على غير معناها، فقال جل من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة:104]. وقال: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء:46].
ومن هنا، فقد اعتنى أهل العلم بالتنبيه على الأخطاء الشرعية في الألفاظ، بلْ أفرد بعضهم كتباً في ذلك، مثل معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، وغيرها من كتب أهل العلم.
ومن لطائف هذا الباب: استحداث النحاة باباً سمَّوه الأدب مع الله، عدَلوا فيه عن استعمال ألفاظ في الإعراب إلى ألفاظ أخرى؛ تأدباً مع الله، ومراعاة لما يليق بالله سبحانه، وابتعاداً عمَّا يوقع في اللبس، أو قد يوهم معاني باطلة.
فمن ذلك:
عدولهم عن التعبير بــ (فعل أمر) إلى قولهم: (فعل طلب)، عند إعرابهم لنحو قولنا: “اللهم اغفر لي”.
وعدولهم عن التعبير بــ (مفعول به) إلى قولهم: (منصوب على التعظيم) عند إعرابهم لنحو قولنا: سألت الله.
وعدولهم عن التعبير بـــ (حرف زائد) إلى قولهم: (صلة، أو حرف توكيد) في نحو قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].
وقد نبَّه على هذا الشيخ زين الدّين شعبان بن محمد القرشي الآثاري (ت828هـ) حيث ختم ألفيته كفاية الغلام في إعراب الكلام بفصل سماه: (إعراب الأدب مع الله) ذكر فيه جملة من هذه المسائل، مرشداً بها إلى ما سواها.
وفقنا الله وإياكم لحسن القول والعمل.