بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4265)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تقدمتُ للزواج من امرأة مطلقة، لديها أربعة أطفال، واشترط عليَّ أهلها عدمَ الإنجاب لمدة سنة على الأقل، وبعد شهرين من الزواج قررنا الانفصال؛ نظرًا للمشاكل المتفاقمة، بسبب ضغطِ أهل الزوجةِ عليَّ لتوفير جميعِ احتياجاتِ أولادِها، وعدمِ رضا والدتي عن هذه الحال، حيث إنها تقيم معي، لكن اكتشفنا أنّ زوجتي حاملٌ في الشهر الثاني، فحدثت مشاكل كثيرةٌ مع أهل زوجتي لهذا السبب، وغادرت زوجتي المنزلَ لبيتِ أهلها منذ شهر، وطلب إخوتها منها التخلص من الجنينِ، وهددوها بالقتلِ إن لم تفعلْ، وطلبوا مني التوقيعَ على إسقاطِ الحملِ، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ مع العلم أن زوجتي لا تريدُ إسقاطَ الجنين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإجهاض الجنين محرَّمٌ؛ لأنه عدوانٌ وقتلٌ للنفس بغير حق، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة:190]، ولا يجوز إجهاض الجنين، ولو كان علقة، على المشهور والمعتمد عند المالكية، قال الصاوي: “لاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَنِيِّ الْمُتَكَوِّنِ فِي الرَّحِمِ وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَإِذَا نفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ حَرُمَ إِجْمَاعًا” [حاشية الصاوي على الشرح الصغير: 2/420]، إلا إذا كان في استمرارِ الحمل خطرٌ محققٌ على حياة الأم، ولم يكن ثَمَّ سبيلٌ آخر لإنقاذ حياتها إلَّا الإجهاض.
عليه؛ فإذا شعرت الأمّ بأنّها معرضة للقتل وأن إخوتها جادون في ارتكاب هذه الجريمة إن لم تُسقِط، فيجوز لها الإسقاط؛ لأنها حالة ضرورة بالنسبة إليها، قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: 120]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08//ربيع الأول//1442هـ
25//10//2020م