طلب فتوى
الغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

ما حكم الاعتداء على المال العام وأملاك الدولة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2906)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توجد أرض سبخة في منطقة قصر أحمد بمدينة مصراتة، مملوكة للدولة الليبية، قام بعض الشباب في المنطقة بتشكيل لجنة للإشراف على مشروع سكني، أسموه: (المقسم السكني لتجمع قصر أحمد الجديدة – المرحلة الأولى)، وقامت اللجنة بعمل ختم، ورفع مساحي، وخريطة تصميمية لموقع المقسم، وتم تقسيمه إلى (509) قطعة، مساحة كل قطعة (1000م2)، ثم نشروا الإعلانات في مساجد ومؤسسات المنطقة؛ لدعوة المواطنين لتقديم ملفاتهم، للحصول على أرض في المقسم، بشروط محددة، مع نموذج يقدم لرئيس اللجنة، يتعهد فيه الطالب بالإقرار المكتوب: (لا يوجد أي مانع لدي، في حال قيام الدولة ومؤسساتها، وتنفيذ صحيح القانون وسليم الإجراء، باتخاذ ما تراه الدولة مناسبا، فإن باركت العمل كان ذلك تتويجا للجهود المبذولة، وإن رأت غير ذلك فلا اعتراض لدي على مصلحة الدولة وقراراتها).

ثم عملت اللجنة فرزا للملفات حسب الشروط، ثم اختارت بالقرعة (509) ملفا، وبقي (77) ملفا في قائمة الاحتياط، ثم طالبت اللجنة من المقبولين إيداع مبلغ (5000) دينار ليبي، في حساب جمعية قصر أحمد للبناء، كدفعة أولى لبدء هذا المشروع.

فما حكم هذا العمل، وما حكم المشاركة فيه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فهذا الفعل من هؤلاء الشباب لا حقَّ لهم فيه، وهو من الغصب المحرم والعدوان، والتعدي على المال العام، فلا يحل لأحد الاعتداء على هذه العقارات، أو الاستيلاء عليها بأي طريقة، قبل الرجوع إلى جهات الاختصاص في الدولة، التي أنيط بها ما يتعلق بهذا الشأن، ولا يجوز منازعة أصحاب الشأن والقرار، ولا الافتيات عليهم، ويجب التعاون معهم، والتقيد بالنظم والقوانين والقرارات الموضوعة لتحقيق المصلحة العامة، فمثل هذا الاعتداء من الخطورة بمكان، فحرمة المال العام أعظمُ من حرمة المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له، ولقد أنزله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منزلةَ مال اليتيم الذي تجب رعايتُه وتنميتُه، ويحرم أخذه بغير وجه حق، أو التَّفريط فيه. [مصنف ابن أبي شيبة:32914]، وأخذُه من الغلول؛ قال تعالى: (وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:161]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، على رقبته فرس لها حمحمة، يقول: يا رسول الله؛ أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير لها رغاء، يقول: يا رسول الله؛ أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، وعلى رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، أو على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك) [البخاري:2908، مسلم1381]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقّه، طُوِّقَهُ في سبعِ أرضينَ يومَ القيامة) [البخاري:245، مسلم:1610]، ويجب على كل من تورط في ذلك التوبة من هذا التعدي، وتصحيح الوضع بأخذ الإذن من جهات الاختصاص، واتباع ما تراه في هذه القضية، ولا يجوز إعانة من وقعت منهم تلك الاعتداءاتِ بأي نوعٍ من وجوه العون؛ لقول الله عز وجل: )وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].

ثم إن الناس دخلت في هذا الموضوع على غرر وجهالة، حسب الشرط والإقرار المذكور في السؤال؛ فلا يدري المتعاقد على قطعة الأرض هل تسمح الدولة بذلك فيسلم، أم لا تسمح فيضيع ماله، وهذا من الغرر المحرم شرعا، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10/رجب/1437هـ

18/أبريل/2016م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق