بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1660)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفي زوجي وخلَّف ابناً، وبنتا، وأمّا، وأبا، وانحصر إرثه في شقة ومبلغ مالي، تنازل الأبوان (الأم، والأب) عن ميراثهما لأبناء المتوفَّى، تنازلاً صحيحاً لا رجعة فيه، وهما بكامل قواهما العقلية، وبعد وفاة جدّ الأبناء طلبت الجدة مبلغاً مالياً من حين إلى آخر، وكوني وصية الأبناء القُصّر كنت استجيب لطلبها إلى حين طلبتْ مبلغاً كبيراً فرفضتُ؛ لأنه مال أيتام، وأنها قد تنازلت عن حقها، فاحتجَّت عليَّ بأنّ لها الحق في الميراث، فهل عليَّ شيء في إعطائها من مال الأيتام، وهل لها الحق في تركة المتوفَّى وما تولد منها بعد تنازلها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ من ملك شيئا جاز له أن يهبه لمن شاء، وهذا التنازل المذكور يعدُّ من قبيل الهبة، فلا يجوز الرجوع في الهبة بعد حيازة الموهوب له أو وصيه، وتصرفهم فيها تصرف المالك قبل حصول المانع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية، ثم يرجع فيها، كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه) [أبوداود:3539]، عليه؛ فلا يجوز لهذه الجدة أن ترجع فيما وهبت لأبناء ابنها المتوفى؛ لأن الاعتصار – وهو جواز رجوع الوالد في هبته لولده – لا يشملها؛ قال الدردير رحمه الله: “(وللأب) فقط لا الجد (اعتصارها) أي الهبة” [الشرح الكبير:110/4]، ولا تجوز الصدقة بمال الأيتام؛ لأن ولايتكِ عليهم لا تُسوّغ لك ذلك، أما نصيبك أنت فيجوز لك التصدق منه حسب الوجه الشرعي, والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث بن محمـود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
28/صفر/1435هـ
2013/12/31م