بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4614)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توجد قطعة أرض وقف، مساحتها 54م2، بُني عليها مسجدٌ قديمًا، ثم هُدمَ بعد ذلك، وبني مسجدٌ آخر بالمنطقة على أرضٍ قريبٍ منها، فما حكمُ الانتفاعِ بهذه الأرض في ركن السيارات؛ للتوسعة على الجيران؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الواجب صرفُ الوقف في مصارفه التي وُقف من أجلها، فينظر إلى وصية الواقف، إن وقّفه على شيءٍ بعينه – كمسجد أو مدرسة – فلا يجوز صرفه لغيره؛ لأن اتباع شرط الواقف واجبٌ إذا خلا مِن مخالفة شرعية؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:181]، وإن لم يعين الواقف مصرفًا؛ فإنه يصرف في وجوه البر والإحسان، قال القاضي عبد الوهاب: “وَمَنْ وَقَفَ أَوْ حَبَسَ، وَلَمْ يَجْعَل لَّه مَخْرَجا؛ صَحّ وَصُرِفَ فِي وُجُوهِ الخَيْرِ وَالبِرِّ” [التلقين:2/216].
عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، فلا يجوز الانتفاع من أرض الوقف المذكورة في غير ما وقفت له، كالتوسعة على الجيران؛ لأن جعلها موقفا للسيارات بمثابة قسمتها على الجيران فيؤول أمرها إلى أن كل واحد منهم أعطي قطعة منها لموقف سيارته، وهذا تضييع للحبس لا يحلّ، لأنها بمضيّ الأيام تتناسى حبسيتها وتصير ملكا، فإن لم يمكن الانتفاع بها على الوجه الذي حدده الواقف، وهو بناء مسجد أو تضرر منها المحيطون بها؛ جاز للناظر عليها مناقلتها، باستبدالها بأرض أفضلَ منها، في موضع آخرَ، يمكن معه الانتفاع بها في الوجه الذي حبست عليه أو قريب منه والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//محرم//1443هـ
30//08//2021م