التعامل مع الوسطاء لفتح الاعتمادت المصرفية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2363)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا تاجر، أعمل في مجال الهواتف النقالة، أقوم باستيراد الأجهزة من خارج البلاد, واشتري العملة الأجنبية من السوق السوداء، وقد أشار عليَّ بعض الأصدقاء بالتعامل مع المصارف، وذلك بفتح اعتماد مالي، ولا يمكن فتح مثل هذا الاعتماد إلا عن طريق أشخاص، يقومون بتسهيل هذه الإجراءات، ويسمون أنفسهم بالوسطاء، ونتفق على نسبة من فارق سعر الصرف، فهل الدخول معهم في هذا التعامل صحيح، علما بأنهم ليسوا من موظفي المصرف؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز التعامل مع من ذكر من الوسطاء لفتح الاعتمادت؛ على النحو الوارد في السؤال، والذي يجري العمل به الآن في المصارف الليبية؛ لأن هذا المال الذي يأخذه الوسيط، هو من قبيل السحت والرشوة المحرمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي)، وأصحاب هذه الوساطات ومن وراءهم، يأكلون السحت، وهي رشاوى صارت منظمة، كلُّ الناسِ الذين لهم علاقة بفتح الاعتمادات يعرفونها، ويشْكُون منها مُرَّ الشكوى، والمسؤولون في المصارف – بما فيهم مصرف ليبيا المركزي، الذي يصدر الموافقات على تحويل العملة الأجنبية – يرونَ هذا الفسادَ، في الوقت الذي يشكون فيه من العجز الشديد في العملات الأجنبية، الذي يهدد اقتصاد البلد بالانهيار، وربما العجز الكامل، ويلوّحونَ بالاقتراضِ بفوائد ربوية عالية من بنوك أجنبية، يرونَ هذا الفساد ونهب الأموال، عن طريق فتح الاعتمادات الوهمية، ولا يحرّكون ساكنًا، حتّى صار الأمر يستفحلُ ويزدادُ سوءًا مع الأيام، وزاد مع ارتفاع سعر الدولار الطمع والاحتيال، حيث يتم تزويرُ الأوراق بفتح اعتمادات لا حقيقة فيها لسلعٍ تورد، بل مجردُ سلعٍ على الورق، يتم فتح الاعتمادات بها؛ لتحويلِ العملة الأجنبية إلى الخارج، ثم تباعُ في السوق السوداء، وتتقاسم الأطراف وعصابات السوء عن طريق الوسطاء الرشاوى، التي يسمونها أجرةً وعمولةً، وهم في الواقع يتاجرون بأقوات الناس وأرزاقهم، فلا يأكلونَ في بطونهم إلا نارًا تلظى، وأوجاعًا وأمراضًا تتقوّى، ولا يبارك لهم في مال ولا عافية بدن؛ لأنهم يأكلون أموالَ الفقراء والضعفاء والأرامل واليتامى والنساء، وهم الشريحة الكبيرة من عامة الناس، وكلما ازداد هذا السحت والتهريب للمال، ازدادت عليهم صعوبة الحياة، وقسوة العيش، وارتفاع الأسعار، وقلة ذات اليد، وصار لا يخفى على أحد؛ أن مَن يملكون التوقيعات لفتح مثل هذه الاعتمادات والمعاملات، يعرقلون إجراءاتها، ولا يسمحون بمرورها مجانًا، دون أن تكون لهم فيها حصة عن طريق الرشاوى، وأكل أموال الناس بالباطل, ولهم زبانية لا يعملون في تلك الجهات؛ كما ذكر السائل, ولكنهم شبكة واحدة مع العاملين، متواطئون ومتفقون معهم، عند إيقاع الضحية في شباكهم، على نصيب كل واحد سلفًا، فإلى الله المشتكى، وكلّ لحمٍ نبتَ من سحت فالنار أولى به، ولمعرفة الإجراءات الشرعية الصحيحة لفتح الاعتمادات المستندية، التي يفتحها العميل مع المصارف لغرض الاستيراد؛ فإننا نحيلكم إلى فتوى دار الإفتاء، الصادرة بهذا الشأن، تحت رقم (2057)، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/رجب/1436هـ
10/مايو/2015م