طلب فتوى
2015

بيان دار الإفتاء بخصوص رفع الغطاء الاجتماعي عن المجرمين

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(بيان دار الإفتاء بخصوص رفع الغطاء الاجتماعي عن المجرمين)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

فإنّ دار الإفتاء تشيد بالبيان الشجاع، الذي صدر بالأمس، عَن مجلسِ شورى قبيلة أولاد سليمان بسبها، الخاصّ برفع الغطاءِ الاجتماعي عن المجرمين من أبناء القبيلة، وقطاعِ الطرق، والمعتدين على الأملاك العامةِ والخاصة، ممّا يعني التبرّي من الظالمين،

وتعدُّ دارُ الإفتاء هذا البيانَ الموفّقَ المُسدَّدَ؛ بدايةَ تحولٍ كبير، يقدم معالجةِ حقيقية للخلافِ السياسيِّ بِرُمَّتِهِ في ليبيا ومن جذوره، فهو مبادرةٌ فعَّالةٌ مُباركةٌ؛ لِصنعِ السلمِ والأمنِ الاجتماعيِّ، فكل الحروب الطاحنة في البلادِ، بينَ المدنِ الليبيةِ، منذُ إعلان التحريرِ إلى اليوم، أسبابُها الحقيقيةُ هي العصاباتُ الإجرامية، وقُطّاعُ الطرقِ، الذينَ يحْتمونَ بمدنِهم وقبائِلِهِم، التي تتعصّبُ لنُصرتِهِم، وتُجيّشُ الجيوشَ دفاعًا عنهم؛ نُصرةً للظالمِ، على طريقةِ أهلِ الجاهليةِ، لا بِمفهومِ الإسلامِ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجلٌ: يا رسولَ الله، أنصره إذ كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟! قال: تَحجزُه أو تمنعُه مِن الظلم، فإن ذلك نصره)[رواه البخاري].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَاتلَ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أو يَدْعُو إِلى عَصبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَة، فَقُتِلَ؛ فَقِتْلَةٌ جَاهِليَّةٌ) [رواه مسلم].

وقال صلى الله عليه وسلم، محذرا مِن إيواءِ المجرمينَ والدفاعِ عنهم: (مَن أحدثَ حدَثًا أو آوَى مُحدِثًا فعليهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعينَ) [رواه مسلم].

ودارُ الإفتاء إذْ تُشِيدُ ببيانِ هذه القبيلةِ العريقة، قبيلةِ أولادِ سليمان؛ لَتَدْعُو كافّةَ المدنِ والقبائلِ الليبيةِ، أنْ تَحْدُوَ حَدْوَها، في التبرّي مِن المُجرمين، وتسليمِهم للعدالة، فذلك مِن أزكى الأعمالِ الصالحة، التي تُقرّبُ إلى الله تعالى، وتحمِي الوطَن وأهله، وتلكَ هي المُصالحةُ الحقيقيةُ؛ وحقن الدماءِ لمن أراد حقن الدماء، وقطع أطماع كل المتربصين بليبيا، مِن الداخل والخارج.

كما تُقدِّر دار الإفتاء الدور الذي تقوم به قبيلة أولاد اسليمان على مر التاريخ، في حفظ أمن الجنوب، فهم صمام أمان للجنوب، عليهم أن يُكثّفوا جهودهم؛ لحفظ أمن الجنوب، وللحدّ من الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت هي الأخرى تُهدد أمن ليبيا، وألّا ينشغلوا في الوقت الحاضر بمعارك خارج الجنوب؛ لأنهم في الجنوب لا يكفي غيرهم عنهم، وفي خارجِه هناك من يكفي عنهم.

وقد قَدمت دارُ الإفتاءِ مبادرةً في هذا الشأن، تؤسس للسلم الاجتماعي، منذ عام (2013م)، فأصدرت وثيقةً تبرّي مِن المجرمينَ، دعت سائرَ المدن والقبائل الليبية إلى التوقيعِ عليها، والانضمامِ إليها، وتعيدُ الدار اليومَ نشرَها مرةً أخرى، مُرفقةً بهذا البيانِ، وتدعُو مرة أخرى كافة المدنَ والقبائلَ الليبيةَ، أن تعلن انضمامها إليها والعمل بها، فذلك هو السبيل للحياة، وحقن الدماءِ، كما سماه القرآن: (ولكم في القصاص حياة)، فتوكلوا على الله ولا تعجزوا؛ (ومَن يَعتصِم باللهِ فقد هُدِي إلى صراطٍ مستقيم).

وصلَّى اللهُ وسلمَ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه

 

حرر يوم الأحد، الموافق: 28 رجب 1436هـ

                                 17 مايو 2015م

الصادق بن عبدالرحمن الغرياني

                                                                               مفتي عام ليبيا

 {gallery}Bynat/2015/TribeCover{/gallery}

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق