طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

التعويض عن تأخر ردّ المال

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3272)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

عندما يتأخر المدين المعسر أو الموسر في سداد دينه، يقوم الدائن برفع دعوى قضائية، مطالبا فيها بديونه، وأحيانا يطلب معها تعويضا على ما فاته من كسب، وما لحقه من خسارة وضرر، فيَطلب مني القاضي – بصفتي خبيرًا قضائيًّا لدى المحكمة – تقويمَ الخسارة والكسب الفائت، فما حكم المال الزائد عن مقدار الدين، وهل عليَّ إثم في تقدير التعويض، إذا طلبه القاضي مني؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالتعويض عن تأخر ردّ المال لا يجوز شرعًا؛ لأنه زيادة على الدَّين، وهي ربا، والربا مُحرَّم، وهو من أكبر الكبائر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:130-132]، وعن جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء) [مسلم: 1598]؛ ولأنّ التعويض عقوبة بالمال زائدة على المأمور به شرعًا، وهو وجوب ردّ المال، قال الدسوقي رحمه الله: “أَمَّا الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ فَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ على أنها لاَ تَجُوزُ” [حاشية الدسوقي:46/3].

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته السادسة: “إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدَّين، بشرط سابقٍ أو بدون شرط؛ لأن ذلك ربا محرم” [مجلة المجمع 447/1-448].

أما إذا كان التعويض ناتجًا عن ضرر مادي فعلي، بسبب تعدٍّ مِن المدين المماطل، والذي اضطر الدائن إلى دفع نفقات الشكاية والمحاماة (مصاريف الدعوى)، التي يتكبدها الدائن، لأجل حصوله على ماله من مدينِه المماطل، فهذه الأضرار المادية الفعلية يجوز التعويض عنها، إذا كان غرم الدائن لها على القدر المعتاد والوجه المعروف.

عليه؛ فالزيادة على قَدْرِ الدَّين لا تجوز؛ وهي من الربا الصريح المحرم، ولا يجوز للسائل أن يشارك فيها بوجه من الوجوه؛ لأنه من الإعانة على المنكر، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27/رجب/1438 هـ

24/إبريل/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق