الخطأ في تقسيم التركة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (12)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن من ورثة الحاج “س”، تمت قسمة أرض له بين الورثة من قبل بعض الناس، إلا أن القسمة المذكورة أسقط منها ثلاثة من ورثة الحاج “س”، وجعلت فيها الزوجة “جدر”، والآن يريد الورثة قسمة أرض أخرى على القسمة الأولى، فهل تعد هذه القسمة شرعية، ولا يجوز نقضها؟ علماً بأن القسمة المذكورة ترتب عليها ضياع كثير من الحقوق.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا وقعت القسمة على النحو المذكور من إسقاط بعض الورثة من القسمة، وتوريث بعض الوارثين على غير الصفة التي أمر الله بها، وظهر هذا في وثيقة المقاسمة، فإن القسمة المذكورة تنقض وتصحح؛ لظهور الغلط فيها، ففي المدونة سئل ابن القاسم عن اقتسام أهل ميراث للتركة، ثم ادعى أحد منهم الغلط، فأجاب: “لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ، أَوْ يَتَفَاحَشُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ غَلَطٌ لَا يُشَكُّ فِيهِ” [المدونة الكبرى: 277/4]. وقال الدردير في شرحه على المختصر: “ونظر في دعوى جور أو غلط وحلف المنكر منهما، حيث لم يتضح الحال، فإن تفاحش الجور أو الغلط بأن ظهر ظهورا بينا أو ثبت بالبينة نقضت القسمة” [الشرح الكبير: 512/3].
ويجب إعادة القسمة على الفريضة الشرعية التي أمر الله بها في قوله سبحانه وتعالى: )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ( إلى قوله جل جلاله: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) [سورة النساء : 12 .13].
والواجب أن يوكل بالقسمة من كان عارفاً بأحكام الشريعة، وكيفية قسمة الفرائض، ويكون قاسما مأمونًا في قسمته، كما قال ابن حبيب: “لَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِالْقَسْمِ إلَّا مَنْ هُوَ عِنْدَهُ مَأْمُونٌ بَصِيرٌ” [الذخيرة للقرافي: 375/5].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/صفر/1434هـ
2013/1/3