الدعاء الجماعي دبر الصلوات المكتوبة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2241)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
يلاحظ في بعض المساجد في طرابلس ظاهرة الدعاء الجماعي، عقب الصلوات المكتوبة، بحيث يقوم الإمام بالدعاء سرا، ثم يبلغ المصلين بقراءة فاتحة الكتاب، ويلاحظ كذلك في بعض المساجد ذكر الابتهالات الدينية، وقراءة آية الكرسي والتسابيح، عبر مكبرات الصوت، عقب صلاة الجمعة، ثم بعد ذلك الدعاء جهرا، فماحكم ذلك؟ وهل له من أصل في الشرع؟ وما نصيحتكم بخصوص هذا الموضوع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالدعاء الجماعي عقب الصلوات المفروضة مكروه؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، قال القرافي رحمه الله: “كَرِهَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ، فَيَجْتَمِعُ لِهَذَا الْإِمَامِ التَّقَدُّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَشَرَفُ كَوْنِهِ نَصَّبَ نَفْسَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ، فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِهِمْ عَلَى يَدِهِ بِالدُّعَاءِ، وَيُوشِكُ أَنْ تَعْظُمَ نَفْسُهُ عِنْدَهُ، فَيَفْسُدَ قَلْبُهُ، وَيَعْصِيَ رَبَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيعُهُ” [الفروق:300/4].
وروي أن بعض الأئمة استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن يدعو لقومه بدعوات بعد الصلاة، فقال له: لا؛ لأني أخشى عليك أن تنتفخ حتى تصل إلى الثريا، [شرح ابن ناجي على الرسالة:170/1].
وكذلك الدعاء الجماعي بعد صلاة الجمعة، من قِبل الإمام بالمصلين، وقراءة آية الكرسي والتسابيح، فهو غير وارد، والسنة أن يدعو كل إنسان لنفسه عقب الصلاة، فضلا عما تحدثه هذ الابتهالات والتسابيح من التشويش على المسبوقين، والمسبحين بعد الصلاة؛ قال صلى الله عليه وسلم: (أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ – أَوْ قَالَ: مُنَاجٍ رَبَّهُ – فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ) [السنن الكبرى:4703].
والواجب على الإمام والمصلين؛ التقيد بالسنة الواردة في العبادات، وتصفية المساجد من البدع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) [البخاري:2550]، والخير كلُّ الخير في اتباع السلف، وكثيرًا ما كان مالك رحمه الله يتمثل بقول القائل:
وخير أمور الدين ما كان سنةً وشرُّ الأمور المحدثات البدائع
[المدخل:242/4]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
11/جمادى الأولى/1436هـ
2015/3/2م