طلب فتوى
الأذكار والأدعيةالصلاةالعباداتالفتاوى

الدعاء الجماعي عقب الصلوات المفروضة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2407)

 

الأخ/ مدير مكتب أوقاف وادي الآجال.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم دعاء الإمام بالمأمومين، بعد الصلاة المكتوبة، وحكم ألفاظ الدعاء المرفق بالرسالة.

فالجواب كالتالي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالدعاء الجماعي عقب الصلوات المفروضة مكروه؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، قال القرافي رحمه الله: “كَرِهَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ، فَيَجْتَمِعُ لِهَذَا الْإِمَامِ التَّقَدُّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَشَرَفُ كَوْنِهِ نَصَّبَ نَفْسَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ، فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِهِمْ عَلَى يَدِهِ بِالدُّعَاءِ، وَيُوشِكُ أَنْ تَعْظُمَ نَفْسُهُ عِنْدَهُ، فَيَفْسُدَ قَلْبُهُ، وَيَعْصِيَ رَبَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيعُهُ” [الفروق:300/4]، وروي أن بعض الأئمة استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن يدعو لقومه بدعوات بعد الصلاة، فقال له: لا؛ لأني أخشى عليك أن تنتفخ حتى تصل إلى الثريا. [شرح ابن ناجي على الرسالة:170/1].

والذي ينبغي على الإمام والمصلين هو التقيد بالسنة الواردة في العبادات، حتى لا يقعوا في الإحداث في الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) [البخاري:2550].

ولم يذكر أحد من أهل العلم سلفا ولا خلفا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بالمصلين عقب الفراغ من الصلاة والله تعالى يقول: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ( [الأحزاب:21].

أما عن الدعاء المرفق، فقد احتوى على بعض المخالفات؛ كقوله: بحق (قل هو الله أحد …)، فإنه وإن كانت سورة الإخلاص من كلام الله تعالى وكلام الله صفة من صفاته، والتوسل لله بصفة من صفاته جائز مشروع، لكن استعماله على هذه الصيغة غير وارد، وكـقوله: (صلاة ما صلاها مهموم إلا وفُرج، ولا مسجون إلا وخرج)، وقوله: (باسمك الأعظم المكتوب من نور وجهك الأعلى الباقي الدائم المخلد في قلب نبيك ورسولك …) فلا دليل على هذا الكلام، ويُخشى أن يكون من الاعتداء في الدعاء؛ وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من التعدي في الدعاء في قوله: (سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِى الدُّعَاءِ) [أبوداود:551/1]، قال العيني رحمه الله: “قوله: (يَعْتدون في الدعاء) هو الخروج فيه عن الوضع الشرعي، والسُّنة المأثور بها” [شرح أبي داود للعيني:394/5].

والدعاء عبادة يُقتصر فيها على المشروع، ويُؤتى به على السجية دون تكلُّف، ومن جعل همّته في الدعاء تقويم لسانه، أضعف تَوَجُّه قلبه، كما أُثر عن السلف رحمهم الله، وينبغي الاقتصار في الدعاء على ما يطمئن إليه القلب من الألفاظ الظاهرة الواضحة والابتعاد عما يشتبه منها وما يريب، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

8/شعبان/1436هـ

26/مايو/2015م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق