طلب فتوى
الزكاةالعباداتالفتاوىالمواريث والوصايا

الزكاة الواجبة في مال الميت تؤدى قبل قسمة التركة

الزكاة دين من الديون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4420)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية الأسئلة التالية:

السؤال الأول:

توفي أبي وترك مبلغًا ماليًّا، وقد تحققنا بعد وفاته أنهُ لم يكنْ يتحرّى الزكاة، ويصعبُ علينا الآن حساب مقدار الزكاة، فما الذي يمكنُ عمله لسدادِ الزكاة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمن ماتَ وعليه زكاةُ سنين ماضية، وتحقق الورثة مِن عدم إخراجهِ لها، وجبَ على ورثته إخراجها مِن رأس مالِ التركة قبل قسمتها، قال الدسوقي رحمه الله: “قَوْلُهُ: (ثُمَّ زَكَاةٌ لِعَيْنٍ أو غَيْرِهَا) أَيْ وَجَبَتْ عليه لِعَامٍ مَاضٍ وَفَرَّطَ فيها… فَإِنْ لم يُوصِ بِإِخْرَاجِ تِلْكَ الزَّكَاةِ التي فَرَّطَ فيها ولم يُشْهِدْ بِبَقَائِهَا في ذِمَّتِهِ لم تُخْرَجْ مِن الثُّلُثِ وَلَا من رَأْسِ الْمَالِ لِحَمْلِهِ على أَنَّهُ كان أَخْرَجَهَا ما لم يُتَحَقَّقُ عَدَمُ إخْرَاجِهِ لها وَإِلَّا أُخْرِجَتْ من رَأْسِ مَالِهِ”[حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:4/441].

فعلى الورثة إخراج الزكاة عن مورثهم، من سنة امتلاكه للمال وبلوغه النصاب ومرور حولٍ عليه، إلى سنة وفاتهِ، إذا لم ينقصِ المال عن النصابِ، ولابدّ من معرفة النصاب وما كان عنده في كل عام، ثم يخرج ربع العشر عن كل عام، ثم يقسم الورثة ما بقي، والله أعلم.

 

السؤال الثاني:

توفيت والدتي، وتركت نقودًا وبعض المصوغاتِ، وقد تأخرنا في توزيعِ التركة على الورثة، وبقيت المصوغات والنقود لسنوات، فهل يزكى عن هذه السنوات الماضية، التي ما بين يوم الوفاة ويوم قسمة التركة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الزكاة تجب في العين الموروثة إذا قبضها الورثة، ولو لم يقوموا بقسمتها، قال عليش رحمه الله: “وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا…فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ الْقَبْضُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَسْم… وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ فَمَتَى قَبَضُوهَا اسْتَقْبَلُوا بِهَا حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَقْسِمُوا”[منح الجليل:2/45]، وببقاء النقود والذهب تحت أيدي الورثة وتمكنهم من التصرف فيها، يعتبرون قابضين لها.

فإذا وجبت الزكاة في العين الموروثة بحصول القبض، فلا تُخرج من مجموع النقود والذهب، وإنما يزكي كل وارث نصيبه من مجموع النقود والذهب إن بلغ نصابًا بنفسه، أو مع غيره من أمواله، قال البراذعي رحمه الله: “قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّرَكَاءُ فِي كُلِّ حَبٍّ يُزَكَّى أَوْ تَمْرٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ مِنْهِمْ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ” [التهذيب في اختصار المدونة: 1/475].

عليه؛ فإذا كانت العين مقبوضة بيد الورثة ولو لم يقتسموها، فينظر كل منهم ما ينوبه، فإن كان نصابًا -سواء بنفسه أو بإضافته إلى بقية أمواله- يزكي نصيبه عن السنوات الماضية مِن يوم الوفاة، والله أعلم.

السؤال الثالث:

كانت والدتي مريضةً، وقبل وفاتها أدخلت المستشفى للعلاج، وترتبَ عن هذا العلاجِ في ذمتها دَينٌ، فهل يجب سدادُ الدَّين قبل توزيع التركة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجب سداد الدَّين من تركة الميت، قبل قسمة التركة بين الورثة؛ لقوله تعالى: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾، وينبغي التعجيلُ بسدادِ دين الميت؛ لما في تأخيره من ضرر على الميت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) [الترمذي:1078]، قال خليل رحمه الله: “يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ: حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ…ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ ‌تُقْضَى ‌دُيُونُهُ ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ” [مختصرخليل:303]، والله أعلم.

السؤال الرابع:

توفيت والدتي، وكانت تملك مصوغات من الذهب للتجمل، فهل تجب الزكاة فيها، وإذا وجبت فيها الزكاة، فما مقدار النصاب الذي تجب فيه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الذهب المعدّ للزينة، إن كان بالقدر الذي تتزين به المرأة عادةً في معظم أوقاتها، فلا زكاة فيه، وإن لم تستعمله، وعدم زكاة ذهب الزينة هو قول جمهور أهل العلم؛ للآثار الواردة عن الصحابة في ذلك، منها ما رواه مالك رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما: “كَانَ يُحَلِّى بَنَاتِهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لاَ يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ”[الموطأ:1/250].

لكن إن كان من الوزن الثقيلِ، الذي لا يستعمل إلا نادرًا في مناسباتٍ قليلة، فحكمه حكمُ المعدّ للكنز، يجب أن تزكيه، إن كان 85 جرامًا من الذهب الخالص -من عيار 24 أو ما يعادله- فما فوق، ويجوز الإخراج من العين، أو من القيمة بمعرفة قيمة الجرام على حسب سعر السوق الموازي يوم الإخراج، قال الزرقاني رحمه الله: “(وَجَازَ) فِي الزَّكَاةِ (إِخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ) لَزِمَهُ زَكَاتُهُ (وَعَكْسُهُ)… وَعَلَّقَ بِإِخْرَاجِ قَوْلَهُ (بِصَرْفِ وَقْتِهِ) أَيْ الإِخْرَاجِ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُدَّةٍ” [شرح الزرقاني: 2/321]، ويخرجُ عنه ربع العشر، سواء أخرج مِن العين أو من القيمة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//شعبان//1442هـ

16//03//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق