بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4762)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حدث خلافٌ مع ابني، وقلتُ خلال الحوار: (عليّ الطلاق)، وقد كنتُ في حالة غضب شديدٍ، وكنت قد أجريت عمليةً على العين في ذلك اليوم، وأثر المخدر لا يزال باقيًا، ولم أعلم أني تلفظتُ بالطلاق حتى أُخبرتُ بذلك، فهل يقع الطلاق؟ علما أني مطلق مرتين قبل هذه.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصد ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديد الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، من أنّ السائل لا يذكر ما صدر منه لشدةِ الغضب، ولم يعِ ما تلفظَ به حتى أُخبرَ به بعد ذلك، فالطلاق غير واقعٍ، فالحكم مبني على قوله وهو أدرى بنفسه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06//جمادى الآخرة//1443هـ
09//01//2022م