الهبة الباطلة من المورث تقسم على الورثة حسب الفريضة الشرعية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5200)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل (ح) لبناته: (ع)، و(خ)، و(ف)، و(م)، عن قطعة أرض مساحتها (800م2) بها منزل يسكنه، وذلك حسب الوثيقة المرفقة، فهل الهبة صحيحة؟ علما أن الواهب بقي مقيمًا في المنزل مع زوجته فقط إلى أن مات، وأن بناته لم يتصرفن في الأرض الموهوبة لهن بأي نوع من أنواع التصرفات، إلى أن مات الواهب.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالتنازل المذكور هبةٌ، ومِن شرط تمام الهبةِ أنْ يحوزَها الموهوبُ له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرفَ المالكِ في ملكه، قال ابن أبي زيد القيروانيّ رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هِيَ وَضْعُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الـمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي ملْكِهِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالْهَدْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ” [كفاية الطالب الرباني: 482/2]، ويشترط لصحّة هبة دارِ السّكنى أنْ يُخْليَهَا الوَاهِبُ من مَتَاعِهِ، ويسكن غيرها، قال الدّسوقي رحمه الله: “وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ جَمِيعَهَا [أَيْ: دَارَ سُكْنَاهُ] بَطَلَ الْجَمِيعُ، كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ أَخْلَاهَا كُلَّهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ أَوْ سَكَنَ أَقَلَّهَا صَحَّ جَمِيعُهَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا” [حاشية الدسوقي: 108/4].
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن الهبةَ المذكورة تعدُّ باطلة؛ لعدم الحوز، وترجع تركةً، تقسم على جميعِ الورثة الأحياءِ يومَ وفاةِ المورث، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11//ذو القعدة//1444هـ
31//05//2023م