طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

الهبة لبعض الأبناء دون البعض

الحيازة تصحح الهبة وإن كان فيها ظلم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4407)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أعطاني أبي -في حياته- قطعةَ أرضٍ لبناء منزل عليها، وفعل المثل مع إخوتي الذكور، حيث تنازل عن الأرضِ وهو بصحةٍ جيدةٍ، لكن لم يعطِ أخواتي البنات أيّ قطعة أرض، وهنّ الآن متزوجاتٌ جميعهنّ، فهل يأثم أبي لإعطائه الذكورَ دون الإناث؟ وما هو السبيل لتخليصه من الإثم إن كان يلحقه؟ وهل تدخل الأرض التي وهبها أبي للذكور في تركته، أم تكون ملكًا لمن وهبت له؟ مع العلم أن أخواتي البنات غير راضياتٍ عن الهبة لعدمِ العدل.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الهبةَ لبعضِ الورثةِ دونَ البعضِ، إذا كانَ الغرضُ منها حرمانَ بعضِ الورثة والإضرارَ بهم، لا تجوز؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدلِ، قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ) [البخاري: 2587]؛ لكن إذا لم يكن الغرضُ من الهبة الإضرار، وإنما مراعاة الضعيف أو المريض، أو الأكثر بِرًّا وإحسانًا؛ فقد يكون للهبة ما يبررها شرعًا.

وإذا ثبتت الهبةُ فمن شرط تمامها الحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ” [الرسالة:117]، فإذا تمت الحيازة للموهوب لهم، بتصرفهم فيها تصرف المالك في مِلكه، قبل وفاة الواهب؛ فقد لزمت الهبة وصحّت، أمّا إذا لم تُحز الهبة إلى أنْ ماتَ الواهب، بأن بقيتِ الأرضُ تحت تصرف الأب، أو مهملة إلى أن ماتَ الواهب، فترجع الأرض ميراثًا، وتقسمُ على الورثة حسبَ الفريضة الشرعية.

وما دام الأبناء علمُوا أن أخواتهم غير راضيات عما فعلَ والدهم، فينبغي لهم -برًّا بوالدهم الذي خالف سنّةَ العدل بين أولاده- أن يراضُوا أخواتهم، ويحسنُوا إليهنّ بشيءٍ من المال، نظيرَ اختصاصهم بميراث أبيهم في الأرض؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سُئل -في الحديث المتقدم- أن يَشهد على عطية خصّها الأب ببعضِ أبنائه، فقال: (‌لَا ‌أَشْهَدُ ‌عَلَى ‌جَوْرٍ) [البخاري: 2650]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد العالي امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17//رجب//1442هـ

01//03//2021م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق