طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

بعض الظواهر التي يعاني منها الواقع الوظيفي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

السيد/ رئيس لجنة إدارة صندوق التكافل الاجتماعي بشركة البنية للاستثمار والخدمات.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة وبعد:

فبالإشارة لمراسلتكم المؤرخة بـ(18ـ2013/3م)، بشأن بعض الظواهر التي يعاني منها الواقع الوظيفي؛ مثل عدم المبالاة بأوقات الدوام، من الغياب والتأخير والخروج بدون إذن قبل انتهاء الدوام الرسمي، وعدم المبالاة بالتسلسل الإداري، وما واجب الموظف تجاه رؤسائه، وواجب الرؤساء تجاه المرؤوسين، وبيان الحكم الشرعي لذلك.  

            فالجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

          فالموظف إذا قَبِلَ العمل فمعناه؛ أنه رضي بالشروط المبرمة بينه وبين جهة العمل، بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها؛ فيجب عليه الالتزام ببنود العقد وشروطه، قال تعالى) :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ([المائدة:1]، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المسلمون على شروطهم)[أبوداود:3594 ولأن العقد هو شريعة المتعاقدين، ووقت الدوام الرسمي ملك لجهة العمل، ولا يحق للموظف الغياب، ولا الخروج في وقت العمل إلا بإذن ممن يحق له الإذن، وخروجُ الموظف أثناء الدوام الرسمي، غير مبال ولا مكترث بالعمل، يعتبر من عدم الانضباط، والتفريطُ والتهاونُ في الأداء الوظيفي، وفي الواجبات والمسؤوليات، وعدم الانضباط، يؤدي إلى الظلم، وإضاعة الحقوق والمال العام، والفساد، وكل ذلك محرم شرعاً؛ لأن الله تعالى يقول: )وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( [القصص:77]، وقال تعالى:) وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَاد) [البقرة:205]، والموظف الذي دوامه ثماني ساعات – مثلا – ولم يداوم منها إلا على ست ساعات، لا يحل له من مرتبه إلا ما يقابل ست ساعات، والزائد على ذلك هو من اختلاس المال العام، لاحق له فيه.

والواجب على الموظفين تجاه رؤسائهم؛ احترامهم، وتنفيذ تعليماتهم التي لا تخالف الشرع، وعليهم في ذلك مراعاة التسلسل الإداري في الوظيفة؛ لقول الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ([النساء:59 وتطبيقُ القوانين والأنظمة المتعلقة بعملهم، وعدم مخالفتها، كما يجب على المسؤولين تجاه موظفيهم؛ احترامهم ونصيحتهم، والعدل بينهم، وإيصال حقوقهم إليهم، وتقديرهم أقدارهم، ومكافأة المتفوقين منهم وتشجيعهم، فإن التحفيز مما يرفع من مستوى الأداء، فيزداد به الحريص حرصا، ويحرك الهمة في المقصر، وهذا هو مقتضى العدل والإحسان الذي أمر الله تعالى به، يقول الله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ([النحل:90]، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)[البخاري: 893/مسلم: 1829]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

12/جمادى الأولى/1434هـ

2013/3/24

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق