طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

تحبيس على النفس وعلى الذكور دون الإناث

تحبيس باطل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4468)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة تحبيس: “وهو أنه حبس الشيخ سيدي ع على نفسه أمد حياته، ثم على ابنه هـ، وابن ابنه المرحوم الحاج م، وعلى ما يزاد له من الذكور بقية عمره إن قدر الله بذلك، ثم على أولادهم، ثم على أولاد أولاد أولادهم الذكور فقط ما تناسلوا وامتدت فروعهم في الإسلام، ثم على أعقابهم، وأعقاب أعقابهم إلى آخر العقب، لا يشارك ابن أباه، ولا يحجب أصل غير فرعه، ومن مات من الأولاد عن ولد ذكر تنزل منزلة ابنه، وعن غير ولد قسم نصيبه على جميع الموجودين المستحقين للحبس، وهكذا أي كل طبقة ودرجة إلى آخر نسله، ومن طلقت من بناته أو بنات المحبس عليهم، أو كانت بكرا ولا مال لها أصلا، ولا ولد لها، فتستغل من ريع الوقف على حسب الفريضة الشرعية أن لو كان غير وقف، فإذا استغنت بمال أو زوج أو ولد بالغ مطلقا منعت منه، فإن احتاجت ردت لأخذ نصيبها بشرطها المذكور، وهكذا فإن ماتت فلا حق لوارثها الأجنبي من غير مستحقي الحبس، وهكذا إلى آخر العقب، فإن انعدم الذكور رجع لبنات المحبس إن وجدن، ولو واحدة، استحقت جميعه، فإن لم توجد واحدة منهن رجع لبنات المحبس عليهم، ثم على أولادهن، وأولاد أولادهن ذكورا وإناثا على التفصيل الشرعي، فإن لم يكونوا فلأولاد إخوته على حسب التفصيل الشرعي، فإن لم يكونوا وانقرضوا جميعا ذكورا وإناثا رجع حبسا لأقرب المساجد لسانية سكنى المحبس، وهو مسجد جبانة أبي ستة الكائن بالنوفليين، بساحل المحروسة يصرف ما تحصل من ريعه في مصالح المسجد المذكور، والزايد على مصالحه يكون للإمام الراتب القائم بالأوقات الخمس بالمسجد المذكور”، وكان ذلك في منتصف رجب 1384، فهل لِما زيد للمحبِّس من أولاد بعد التحبيس، وهما: (ح)، و(و) حقٌّ في الحبس؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالتحبيس على النفس باطلٌ عند جماهير أهل العلم؛ لأنه مما لا نفع فيه، ولا قربى ترتجى من ورائه، وليس فيه سوى التحجير على النفس، قال الخرشي رحمه الله: “… الْحُبْسَ عَلَى النَّفْسِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْوَقْفُ كُلُّهُ بَاطِلًا إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَمَّا إنْ حِيزَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا يَخُصُّ الْوَاقِفَ فَقَطْ، وَيَصِحُّ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ، وَيَكْفِي حَوْزُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي صِحَّةِ وَقْفِهَا حَيْثُ تَعَيَّنَتْ، كَأَنْ يَقِفَ دَارَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَخْصٍ، عَلَى أَنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةٌ وَالْآخَرِ الْأُخْرَى” [شرح الخرشي على المختصر: 7/84].

والحبس المذكور يُعدُّ من الوقف على الذكور دون الإناث، وهذا النوع من الوقف باطلٌ من تاريخ صدور قانون 1973م، الذي نص على بطلان الوقف إذا كان على الذكور دون الإناث، جاء في قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية رقم (2) لسنة 1435هــ 2014م: “بطلان ما كان منه قبل صدور قانون الإلغاء ولم يحكم حاكم بصحته، وتتم قسمة ما حكم ببطلانه على الجذر الموجود من الذكور والإناث، عند صدور قانون إلغاء التحبيس المذكور، عام 1973م، ومن مات منهم فلورثته ذكورًا وإناثًا”.

عليه؛ فإن الحبس المذكور لا يعمل به، ولا يصحّ شرعًا ولا قانونًا، ويجبُ قسمة التركة حسب الفريضة الشرعية على الورثة الموجودين، عند صدور القانون المشار إليه، ويعدّ المحبس كأنه مات في ذلك الوقت، ومن استحق شيئًا بعد إجراء الفريضة، فله التصرف في نصيبه بالبيع والهبة ونحو ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

(هذه الفتوى لا يحتج بها في النزاعات، ولا أمام القضاء، ولا تفيد صحة الوثيقة، لاحتمال أن لدى من ينازع فيها مقالا والدار لا علم لها به)

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//رمضان//1442هـ

19//04//2021م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق