طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

تسجيل التنازل عند محرر العقود لا يعد حوزا

هبة بلا حيازة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3735)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم التنازل عن عقار وتسجيله بأسماء المتنازل لهم عند محرر العقود – كما بالعقد المرفق – مع بقاء المتنازِل ساكنا بالعقار إلى أن توفي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ التنازل المذكور يعدّ هبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، وذلك بأن يتصرّف الموهوب له في الهبة تصرف الملَّاك في حياة الواهب، وإلا فإنها ترجع ميراثا، عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: “إِنَّ أَبَا بَكْرَ الصِّدِّيقِ كَانَ نَحَلَهَا جَادّ عِشْرِينَ وَسَقًا مِنْ مَالِهِ بَالغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَ عِشْرِينَ وَسَقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالٌ وَارِثٌ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ”[الموطأ: 2202]، ولا يكفي مجرد التّسجيل عند محرّر العقود، كي تتحقّق الحيازة الشّرعية، التي ينتقل بها الملك، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 2/482[.

عليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن هذه الهبة غير نافذة شرعًا، ويرجع العقار المتنازل عنه ميراثًا لجميع الورثة الأحياء يوم وفاة صاحب البيت، ويقسم عليهم حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

08/ جمادى الأولى/ 1440هـ

14/01/ 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق