طلب فتوى
الشركةالغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

تصرف الشريك في أرض الشركة قبل قسمتها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3310)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أرض مملوكة لإحدى القبائل بوثائق وحجج، قام شخص من هذه القبيلة بالاستيلاء على جزء منها، وغَرْسِ أنواعٍ من الشجر المثمر، وزَرْعِ القمح والشعير، واستفاد منها سنين عديدة، دون رضا وموافقة باقي الشركاء، وتم مؤخرا اتفاق أعيان القبيلة على استردادِ الأرضِ منه، ومن غيره ممن سلكوا مسلكه، فهل لهذا الشخص وأمثاله حق المغارسة؟ أم تنزع منه الأرض دون تعويض، باعتباره غاصبا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ الشريك لا يحق له التصرف في الأرض المشتركة على انفراد قبل قسمتها، من غير إذن شركائه، فإن تصرف بغير إذن شركائه، ثم وقع الغرس أو البناء بعد القسمة في حصته، كان الغرس والبناء له، وعليه كراء الأرض لشركائه، بقدر ما انتفع من المدة قبل القسمة، وإن وقع البناء أو الغرس في حصة غيره، خُيِّرَ بين أن يُعطى له قيمة بنيانه منقوضًا، أو قيمة غرسه مقلوعًا، وبين أن يسلم إليه نقضه ينقله، ويكون له من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من حصة شركائه، قال ابن عبد البر رحمه الله: “ومن بنى أو غرس في أرض بينه وبين شريكه بغير إذنه، أو كان غائبا، فإنهما يقتسمان الأرض، فإن صار للباني ما بناه في حصته من الأرض كان له بنيانه، وكان عليه من الكراء بمقدار ما انتفع به من نصيب شريكه، وإن صار البنيان أو الغرس في نصيب شريكه، خير بين أن يعطى له قيمة بنيانه منقوضا، أو قيمة غرسه مقلوعا، وبين أن يسلم إليه نقضه بنقله، ويكون له من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من حصة شريكه الغائب” [الكافي:489/1].

وإن تصرف في الأرض بالبناء والغرس بعلم الورثة، فله قيمة ذلك البناء قائمًا، قال الباجي رحمه الله: “وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك؛ أن كل بان وغارس في أرض قوم بإذنهم، أو علمهم، فلم يمنعوه؛ فله قيمة ذلك قائما، كالباني بشبهة” [المنتقى:42/4]، وقال القرافي رحمه الله: “قال مالك: كل من بنى بإذنك أو علمك فلم تمنعه ولا أنكرت عليه، فله قيمته قائما، كالباني بشبهة، وكذلك المتكاري أرضا أو منحها أو بنى في أرض امرأته وأراضي بينه وبين شركائه بعلمهم فلم يمنعوه، والباني بغير إذن ولا علم له القيمة مقلوعا” [الذخيرة:213/6].

وتقدر القيمة حسب وقت الحكم، قال الدردير رحمه الله: “(وإن بنى) ذو الشبهة (أو غرس) فاستحق (قيل للمالك) الذي استحق الأرض: (ادفع قيمته قائما) منفردا عن الأرض؛ لأن ربه بناه بوجه شبهة، (فإن أبى قيل للباني: ادفع) لمستحق الأرض (قيمة الأرض) براحا (فإن أبى) أيضا (فشريكان بالقيمة) هذا بقيمة أرضه براحا، وهذا بقيمة بنائه أو غرسه قائما (يوم الحكم) لا يوم الغرس أو البناء” [بلغة السالك لأقرب المسالك:622/3].

وعليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، من أن الغارس في الأرض المشتركة تصرف بدون إذن ورضا باقي الشركاء، فإنه يخير بين أن يعطى قيمة غرسه مقلوعا يوم الحكم، أو يقوم هو بقلع نخله ونقله، وعليه الكراء طيلة مدة الانتفاع.

وأما إن كان الشركاء لم يعترضوا على المتصرف، ولم ينكروا عليه، بل سكتوا ولم يمنعوه أو يشتكوه طيلة هذه السنين فإنه حينئذ يعطى قيمة غرسه قائما، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/شعبان/1438 هـ

22/مايو/2017م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق