طلب فتوى
الغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

غصب مساكن عامة من قبل بعض النازحين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3309)

 

السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال التالي:

أثناء حصار مدينة مصراتة في سنة 2011م، قام المجلس المحلي مصراتة بتشكيل لجنة، لإيواء النازحين من أطراف المدينة، بموجب قراره رقم (29)، لسنة (2011م)، وقامت بتسكينهم في مساكن الشركة، وبعد زوال تلك الظروف، رفض بعضهم إخلاء هذه المساكن، مما اضطر الشركة إلى الاستئجار لبعض عمالها، ولجأت الشركة إلى المجلس البلدي مصراتة، ولكنه لم يستطع إخلاء هذه المساكن، فأصدر قراره رقم (31) لسنة (2016م)، بإلغاء قرار المجلس المحلي مصراتة رقم (29)، بشأن تمكين النازحين من بيوت الشركة، وبه صار شغل هذه الفئة لمساكن الشركة غير قانوني.

وعليه؛ نأمل من حضرتكم التفضل بإصدار فتوى، في حكم استمرار الرافضين تسليم مساكن الشركة، بعد انتهاء أسباب تسليمهم هذه المساكن.

والجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فهذا الفعل من بعض المواطنين هو بسبب غياب القانون، ولا حق لهم فيه، فلا يحل لهم البقاء في هذه البيوت بدون رضا الشركة، وهذا الفعل من الغصب المحرم، والغلول، والتعدي على المال العام، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:161].

والساكنُ في البيتِ المغصوب منغمسٌ في معصية الله، متقلب فيها، متلبِّس بها على الدوام، مقيمٌ عليها ليله ونهاره، صباحه ومساءَه، في كلّ أوقاتِه، فهو في الحرام حتى في صلاته وعباداته، فقد اتفق أهل العلم على أن الصلاة في الدار المغصوبةِ حرامٌ، وذهبَ طائفةٌ كبيرة منهم إلى أنّها باطلة، لا تصح، كأن صاحبَها لم يصلِّ؛ لأنها داخلة في النهي عن الغصب، والنهي يقتضي الفساد، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقّه، طُوِّقَهُ في سبعِ أرضينَ يومَ القيامة) [البخاري:245،مسلم:1610].

ويجب على كل من تورط في ذلك، أن يرد ما غصبه إلى الشركة، ويتوب ويرجع إلى الله عز وجل، من قبل أن يأتي يوم القصاص، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (على اليدِ ما أخذت حَتى تؤدِّيه) [أحمد:20086،الترمذي:1266].

فحرمة المال العام أعظمُ من حرمة المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له، ولقد أنزله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منزلةَ مال اليتيم، الذي تجب رعايتُه وتنميتُه، ويحرم أخذه بغير وجه حق، أو التَّفريط فيه. [مصنف ابن أبي شيبة:32914]، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء:10].

والإذن بالسكنى الذي أعطي لهم هو خاص بوقت الحرب؛ للضرورة التي نزلت بالبلد في ذلك الوقت، فيرتفع الإذن بارتفاعها، وما ذُكر من الوعيد يشترك فيه الساكن في البيت، ومَن يقف معه ويحميه ويعينه؛ لقول الله عز وجل: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، واتَّقُوا اللهَ إنّ اللهَ شديدُ العِقابِ) [المائدة: 2]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/شعبان/1438 هـ

22/مايو/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق