بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1960)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفي (ع) وخلف ستة أبناء، وترك أرضا بمدينة زليتن، فقام أحد أحفاده بدفع الأرض المذكورة عن نفسه، ونيابة عن ورثة والده، بالمغارسة للمدعو: (م)، حسب الوثيقة المؤرخة في أواخر ذي القعدة من سنة 1314هـ، وقد قام الحفيد المذكور بهذا العقد دون الرجوع إلى باقي الشركاء في الأرض المذكورة؛ من أعمامه، وأبناء أعمامه، حيث لا يوجد أي مستند يفيد بأنهم رضوا بذلك، أو وكلوه وكالة شرعية، أو تنازلوا له عن نصيبهم فيها، ولا وثيقة بيع وشراء منهم في الأرض المذكورة، فما حكم المغارسة المذكورة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تصرف الشريك في نصيب شركائه يعد من تصرف الفضولي، وهو موقوف على إجازة الشركاء، فإن أجازوه مضى، ويرجعون بنصيبهم عليه، وإن لم يجز الشركاء التصرف، فإنه لا يمضي، ويستحق العامل أجرة المثل، يرجع بها على أصحاب الأرض، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) صَحَّ بَيْعُ (غَيْرِ الْمَالِكِ) لِلسِّلْعَةِ – وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفُضُولِيِّ – (وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي) أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُ الْمُبْتَاعَ، وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، (وَوَقَفَ) الْبَيْعُ (عَلَى رِضَاهُ)” [الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه: 26/3].
فإذا كان الأعمام وأبناء الأعمام قد علموا بعقد المغارسة وسكتوا عنه، فإن سكوتهم طيلة هذه المدة – أكثر من مائة سنة تقريبا – يُعَد رضًا منهم عن المغارسة المذكورة؛ ولا حق لهم بعد ذلك في الاعتراض عليها، ويبقى لهم حقهم في نصف الأرض المتبقي من المغارسة، قال التسولي: “ما يعلم بمستقر العادة أن أحدًا لا يسكت عنه إلا برضا منه، فيكون إذنًا ورضا” [البهجة:64/5]، وهذا ما لم يعذروا بأنهم لم يعلموا طول هذه المدة بتصرف شريكهم؛ وإلا فلهم الحق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13/رجب/1435هـ
2014/5/12م