بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4605)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصل خلافٌ بيني وبين زوجتي، وقلتُ أمام والدي ووالدها: (لو خرجَتْ من البيت فهي طالقٌ بالثلاث)، فما حكم هذا الطلاق؟ علما أني كنت في حالةِ غضب.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الطلاق المعلّق على شيءٍ، كالخروج من البيت ونحوه، يقعُ بحصول المعلَّق عليه، عند جماهير أهل العلم؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ”[البخاري معلقا:7/45].
وكون الطلاق واقعًا في حالةِ الغضبِ لا يعدّ مانعًا من وقوعهِ، إلّا إذا كان المطلّق شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ لأنه حينئذٍ يكون في حكم المجنونِ فاقد العقل، قال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ… وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ”[بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فإن كان الزوج واعيًا بما يقولُ وقت التلفظ بالطلاقِ، فتعليقُ الطلاق لازمٌ له، وتبين منه زوجته بينونةً كبرى إذا خرجتْ مِن البيت، وأما إن كان الزوجُ وقت التلفظ بالطلاق غيرَ مدركٍ لما يقول، ولم يعلم بما صدرَ منه حتى أُخبر به بعد ذلك، فلا يلزمه ما علّقهُ مِن الطلاق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن حسين قدوع
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14//محرم//1443هـ
22//08//2021م