طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

تعليق طلاق وبينونة كبرى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4974)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

تشاجرتُ مع زوجي سنة 2012م على الهاتف، فقال لي: “إن أقفلتِ الهاتف فعليَّ اليمين والطلاق سأكسره على رأسك”، فأقفلتُ الهاتف في وجهه، ثم رجع متأخرًا ليلًا كأنْ لم تحدثْ بيننا مشاجرة، وبعد أشهر من ذلك أخبرني أن ما وقع في تلك الليلة هو طلاقٌ واقع شرعًا، وأنه قد أرجعني إلى ذمته مِن حينها، وذلك بعد أن استفتى شيخًا، ومنذ عام تقريبًا كنتُ موجودةً في منزل أهلي، فاتصل بي زوجي ونهاني أن أوصلَ بسيارتي أحدًا غير أولادي، وعلَّق الطلاق على ذلك، وذات يوم – عندما كنتُ أوصل أولادي – التقيتُ بخالتي ومن معها من نساء في طريقي، فأوصلتُهنّ إلى منازلهن، ناسيةً أن زوجي علَّق الطلاق على فعل ذلك، وفي إحدى ليالي شهر ذي القعدة الماضي علَّق زوجي الطلاقَ على خروجي مِن المنزل، بقوله لي: “إن خرجتِ من المنزل فأنتِ طالق ومحرمة عليَّ كما تحرم عليَّ أمي وأختي وبنتي”، ثم كرَّر قوله صباحًا، فخرجتُ بعد ذلك إلى أقربائي؛ لأعزيهم، فاتصل بي – بعد أن علم بخروجي – وأشهدَ أولادَنا على ذلك، حيث قال: “اشهدوا أن أمكم قد خرجت من المنزل، وأني قد طلقتها وحرَّمتها كما تحرم أمي وأختي وبنتي”، ويوم السابع عشر من شهر محرم قال لي: “إني أرجعتك إلى ذمتي”، فهل يجوز له بعد كل ما فعله أنْ يرجعني إلى ذمته؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاق المعلّق على شيء؛ يقع بحصول المعلق عليه، فقد جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري: 45/7].

وحيث إن المعلَّق عليه قد حصل، بإقفال الزوجة الهاتف في وجه زوجها ولم يقع منه ما توعد به في الحالة الأولى وكان قد حلف باليمين -وتلزم منه في العرف طلقة رجعية- وأردف عليه لفظ الطلاق وهو طلقة ثانية، فلزمه في التعليق الأول طلقتان، وفي التعليق الثاني لزمه بتوصيل امرأته خالتها ومن معها طلقة ثالثة، فاستنفد بذلك الطلقات الثلاث، وبذلك تبِينُ الزوجةُ من زوجها بينونةً كبرى، فالطلاق المعلق في المرة الثالثة لم يصادف محلا، وذكر التحريم فيه كتحريم الأمّ والأخت والبنت وإن كان من كنايات الظهار فإن العامة لا يعرفون الظهار ولا يخطر ببالهم، فالظاهر أن نيته تأكيد الطلاق بقرينة ذكر لفظ الطلاق معه.

عليه؛ فالزوجة قد بانت من زوجها بينونةً كبرى، ولا تحل له إلا بعد زوج، ينكحها نكاح رغبة ثم يطلقها أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 228]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23//صفر//1444هـ

19//09//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق