طلب فتوى
التبرعاتالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

توسعة مسجد من أرض مملوكة لورثة

البناء فوق المسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4014)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن اللجنة الإدارية بمسجد (السطاوات)، الواقع بمحلة الحارات ببلدية سوق الجمعة، نتقدم إليكم طالبين فتوى، بخصوص ضم أرضٍ مقام عليها بئر قديم وجابية قديمة، تقدر مساحتها بحوالي 125 متر مربع بجوار المسجد، لغرض التوسعة، حيث أسس مسجد (السطاوات) على قطعة أرض مساحتها  860مترًا مربعًا، مسقوف بيت الصلاة 165 مترا مربعا، كما أن المسجد يشتمل على مصلى وخلوة لتحفيظ القرآن الكريم، ومنزل للإمام، وفناء، ومرافق أخرى للمسجد، وقد تم بناء المسجد سنة 1978م، ثم تمت توسعته بإضافة طابق ثان في الفناء الخلفي للمسجد سنة 2009م، ومع هذه التوسعة ما زال المسجد ضيقًا على المصلين، حيث يقع على الطريق العام، ما يجعل المصلين في صلاة الجمعة وأيام شهر رمضان يصلون أمام أماكن الوضوء وعلى الرصيف العام، كما يوجد بالمسجد مدرسة قرآنية تضم 250 طالبا، موزعين على ثلاثة مشايخ لتحفيظ كتاب الله، مدرس في الخلوة الواقعة في الفناء، والثاني في الطابق الثاني المضاف إلى المسجد، والمدرس الثالث في بيت الصلاة، مما جعل من بيت الصلاة مكانًا لتعليم الصبيان والتشويش على المصلين داخل المسجد، وبعد كل هذه الأسباب سالفة الذكر، اتفق أهل المنطقة على توسعة المسجد، وذلك بإعادة بنائه بمساحات كافية، ببناء قبو كبير للمسجد يسع الخلوات الثلاث لتحفيظ القرآن الكريم مع دورات المياه الخاصة بها وغرفة لعامل المسجد، مع مكان لصيانة المصاحف، وطابق أرضي لبيت الصلاة، مع إضافة ملحق خلفي لخلوة النساء، يستخدم مصلى للنساء في التروايح والجُمَع، وطابق ثان وثالث يخصصان لبيت الإمام، ومكتبة للمسجد، وقاعة للمحاضرات، وستتم إعادة البناء باستغلال الفناء والخلوة القديمة وقطعة أرض بجوار المسجد، إلّا أن هذه الأرض المجاورة تقع في ملك ورثةٍ تنازل معظمهم عنها للمسجد، ورفض القلة الباقية منهم، علما بأن هذه الأرض تقع في موقع يستفاد منه كثيرا في التوسعة، حيث تقع في الجزء الجنوبي الغربي للمسجد، والقبلة منحرفة إليها، مما يجعلها داخل صفوف المصلين، وكانت اللجنة المختارة للحصول على الأرض المشار إليها قد عرضت على الورثة الباقين الشراء أو التعويض باستبدالها بقطعة أرض أخرى، أو ما يختارونه من حلول، إلا أنهم رفضوا كل هذه العروض، حتى عجزت اللجنة وأهل المنطقة عن إقناعهم، فهل يُرغم الورثة على التنازل عن الأرض للمسجد؟ كما نأمل منكم تذكير الورثة بثواب التبرع وبناء المسجد لوجه الله تعالى.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلو ضاق المسجد القديم بأهله، وليس له أرض يوسع فيها إلا أرض الورثة المذكورين، ممن لم يتنازل عن نصيبه، فإنها تؤخذ منهم بالثمن، ولا يجوز أخذها بلا عوض، إلا أن يتبرعوا، فإن امتنعوا عن البيع فإنهم يجبرون عليه؛ لأن ذلك مما لا بد للمسلمين منه، فعن سعيد بن المسيب رحمه الله قال: (أَرَادَ عُمَرُ تَوْسِيعَ الْمَسْجِدِ فَكَانَ لِلْعَبَّاسِ دَارٌ فَقَالَ: لاَ أُعْطِيكَهَا لَيْسَ لَكَ ذَاكَ، قَالَ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ حَكَمًا، فَقَضَى عَلَيْهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: هِيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةٌ) [فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل:  1753]، وقال الزرقاني رحمه الله عند قول خليل رحمه الله” :إِلاَّ لِتَوْسِعَةِ كَمَسْجِدٍ ولَوْ جَبْرًا: وَكَذَا يُجْبَرُ صَاحِبُ مِلْكٍ عَلَى بَيْعِهِ لِتَوْسِعَةِ مَا ذُكِرَ” [شرح الزرقاني: 160/7]، ولا يخفى عظيم الأجر والثواب في تنازل الورثة عن نصيبهم من قطعة الأرض لبناء المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ)[البخاري: 450]، ولهم في العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنة، وينبغي للجنة المشرفة على المسجد التنبه إلى عدم بناء بيت الإمام فوقَ المسجد، وأن يحولوه إلى جهة أخرى، فلا يصلح لأحد أن يبني بيتا فوق المسجد؛ لأن سطح المسجد يعد مسجدًا، ولا يجوز للإمام ولا غيره أن يقيم فيه بأهله، قال في المدونة: “وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْمَسْجِدِ يَبْنِيهِ الرَّجُلُ وَيَبْنِي فَوْقَهُ بَيْتًا يَرْتَفِقُ بِهِ، قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِمَامَ هُدَى، وَقَدْ كَانَ يَبِيتُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ تَقْرَبُهُ فِيهِ امْرَأَةٌ، وَهَذَا إِذَا بَنَى فَوْقَهُ صَارَ مَسْكنًا يُجَامِعُ فِيهِ وَيَأْكُلُ فِيهِ” [المدونة: 108/1]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

22// صفر// 1441 هجرية

21// 10// 2019 م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق