طلب فتوى
2023البياناتبيانات مجلس البحوث الشرعيةصادر الدار

توضيحٌ حول خلفيةِ منعِ مصطلحِ النوعِ الاجتماعيّ

توضيحٌ حول خلفيةِ منعِ مصطلحِ النوعِ الاجتماعيّ
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، أمَّا بعد:
فإنّ مجلسَ البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية – وهو يتابعُ ما يسعَى إليه جزءٌ غيرُ قليلٍ من العالم الغربي اليومَ، نحوَ محاولةِ صبغِ العالمِ كلِّه بصبغتهِ الثقافيةِ والأخلاقيةِ والفكريةِ والسلوكيةِ، وانعكاس ذلكَ على مجتمعنَا الليبيِّ المسلم، ذي الخصوصيةِ الثقافيةِ والأخلاقيةِ النظيفةِ المحافظةِ، التي تستمدُّ نمطَ حياتِها من تعاليمِ الإسلامِ السمحاءِ، التي أتمَّ الله بها علينا نعمته – يستنكرُ أشدَّ الاستنكار، تلك المحاولات المتسارعة لتلك الأطراف، ممثلة في مؤسسات ومنظمات دولية، وعبر بعض المنظمات المحلية التي تسعى حثيثًا خلفها، غيرَ عابئة بالثوابتِ الدينيةِ والوطنية، المتفقِ عليها بين الليبيين رسميًّا وأهليًّا.
وتتَستّر تلكَ المنظمات الدولية والمحلية تحت شعاراتٍ فضفاضةٍ أو براقةٍ، ظاهرُها الرحمةُ وباطنُها العذاب، لتمرِّرَ مضموناتِها السيئة، التي لو كشفتْ عنها لحاربَها المجتمعُ بأسره، ومِن أخطرِ تلك المصطلحات مصطلحُ: “النوع الاجتماعي” أو “النوع الجنساني”، والمعروف دوليًّا بالجندر (GENDER).
وقد بدأت تلك المنظمات منذُ سنوات، في نشر سمومِها بين أبناء مجتمعنا الطاهر؛ ذكورًا وإناثًا، لا سيَّما شريحة الشباب، إلَّا أنها أسفرتْ عن وجهها القبيحِ في الفترة الأخيرة، بشكلٍ أوضحَ من ذي قبل.
وإزاءَ هذا التطاولِ من قبل هذهِ الجهاتِ المشبوهةِ، وما لأنشطتها الهدَّامة من تبِعاتٍ كارثية على مجتمعنا الليبي أخلاقيًّا وفكريًّا وسلوكيًّا واجتماعيًّا؛ فإنَّ مجلسَ البحوثِ والدراسات الشرعية بدار الإفتاء يقررُ ما يلي:
أولًا: يجبُ على مَن ولَّاه اللهُ تعالى أمرَ المسلمين في بلادنا، وعلى رأسهم الجهاز القضائي، والحكومة، أنْ يتصدَّوا لهذه الأنشطة الهدامة، بكل حزمٍ وقوة، ومِن أولِ ما يجبُ عليهم؛ أن يمنعوا استعمالَ مصطلح النوع الاجتماعي أو النوع الجنساني أو الجندر، والذي يستلزمُ قَبولُه وتمريرُه إباحةَ الشذوذ وهدم الأسرة والإجهاض، وحماية أصحابِ هذه المنكرات، ودعمهم في مطالبهم، بما يزعمونه حقوقاً لهم، وتجريم منعهم من تلويثِ مجتمعِنا بفواحشِهم وقاذوراتهم، فإنَّ هذا من أداء الأمانة التي كُلِّفوها، وأُمروا بالمحافظة عليها، وإنّ كلَّ انحراف أو فسادٍ يصدرُ مِن أي فردٍ مِن آحادِ الناس بناءً على آثار تلك الأنشطةِ – لا قدرَ الله – سيكونُ عليهم كفلٌ من أوزاره، وسيحملون نصيبًا مِن آثامِه.
ثانيًا: على كلِّ مسؤول في منصبه – وزارة كان أو هيئة أو مؤسسة أو مجلسًا – أن يقومَ بما أوجبَ اللهُ عليه، من الحفاظ على التشريعاتِ الرادعةِ لكل من يخرقُ حجابَ الحياء، ويخالف القانون والنظام العام، المستمدَّ من ديننا وقيمنا وأعرافنا الإيجابية.
ثالثًا: ومن ذلك – وبوجه أخص من غيرها – وزاراتُ التعليم والإعلام والشباب والعدل والشؤون الاجتماعية والمرأة والصحة، فإن عليهم في ذلك دورًا بالغَ الأهمية، في تحصين مجتمعنا مما يراد له، من السقوط في مستنقعاتِ الشذوذِ ونحوه، ممَّا يخالف الفطرةَ الإنسانيةَ السليمة، ويهدمُ بنيانَ الأسرة، فضلًا عن قيمِنا الإسلاميةِ الطاهرة.
رابعًا: على الخطباء والمدونين والكتاب والموجهين والمدرسين واجبُ النصحِ والتوجيهِ والتوعيةِ الإرشادِ، عملًا بقولِ اللهِ تبارك وتعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الدينُ النصيحةُ، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) [رواه مسلم].
خامسًا: على الجهات الأمنية والضبطية القيامُ بواجبها، مِن التصدِّي لهؤلاء الأشرارِ المفسدين، لينالوا جزاءَهم العادل، طبقًا للتشريعات النافذة، والتي تسعى تلك الجهاتُ المشبوهةُ لتغييرها بما يتوافقُ وأهواءهم، قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ)[المؤمنون:71]، وقال الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إنَّ اللهَ لَيزَعُ بالسلطانِ ما لا يَزَعُ بالقرآنِ)، وقيل: (مَن أَمِنَ العقُوبةَ أساءَ الأدبَ)،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن رأي منكم منكرًا فليغيرهُ بيدهِ، فإن لم يستطعْ فبلسانهِ، فإن لم يستطعْ فبقلبهِ، وذلك أضعفُ الإيمان) [رواه مسلم]، وفي حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِن نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل) [رواه مسلم].
وفي الختام؛ نسألُ الله تعالى أن يحفظَ بلادنَا وسائر بلاد المسلمينَ، مِن مكائدِ الأعداءِ، وتآمرِ المنافقين، إنه خيرٌ حافظًا، وهو أرحمُ الراحمينَ.
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق