بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى (209)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
عندنا في سوق الجمعة مسجد يؤذن لصلاة الجمعة ثلاثة أذانات، وكلمنا الإمام في ذلك فذكر لنا أن الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فهل هذا صحيح؟ وما حكم الأذان الثالث في الجمعة؟ وما نصيحتكم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الأذان لصلاة الجمعة كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذاناً واحداً إذا جلس عليه الصلاة والسلام على المنبر، وكذلك كان يفعل أبوبكر وعمر، ثم زاد عثمان رضي الله عنه لما كثر الناس بالمدينة أذانا على الزوراء (وهو موضع بالسوق)؛ ليشعر الناس بالوقت، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: “لم يكن للنبي رضي الله عنه مؤذن غير مؤذن واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوراء” (صحيح البخاري:913)، قال ابن العربي :”وسماه في الحديث ثالثا؛ لأنه أضافه إلى الإقامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “بين كل أذانين صلاة لمن شاء، يعني الأذان والإقامة، فتوهَّم الناس أنه أذان أصليّ، فجعلوا المؤذنين ثلاثة، فكان وهما” (أحكام القرآن 1804/4)، وقد اتفق جمهور الفقهاء على الأخذ بالأذان الذي زاده عثمان رضي الله عنه للجمعة، وأنه سنة؛ لأجماع الصحابة عليه رضي الله عنه، وهذا القول، وهو أن يؤذن مرة واحدة عند جلوس الخطيب على المنبر هو رواية ابن عبد الحكم عن مالك، ومن علماء المالكية من ذكر أن المؤذنين ثلاثة، وقد جاءت روايات صحيحة في البخاري وغيره، تبيّن تعدد المؤذنين، ولم تبين عددهم، منها ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس … فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذنون قام، فأثنى على الله بما هو أهله”، والظاهر أن أذانهم كان في وقت واحد جماعة، ولم يجئ التصريح أنهم كانوا ثلاثة واحدا بعد واحد إلا في رواية ابن حبيب، وقد ضعفها ابن حجر لانقطاع السند.
والعلة في الأذان الثالث يوم الجمعة – عند من يقول به – هو إشعار الناس بالوقت وإسماعهم النداء، وفي وقتنا الحاضر لا يحتاج إلى ذلك مع وجود مكبرات الصوت، فينبغي أن يقتصر على مؤذن واحد دون تكرار للأذان في الوقت الواحد، وأن يؤذن للجمعة مرتين مرة عند دخول وقت الظهر، ومرة عند جلوس الإمام يكون من مؤذن واحد دون تكرار، كما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي عليه جماهير الفقهاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24/جمادى الآخرة/1433هـ
2012/5/15