حكم الاشتراك في نظام صندوق التكافل الاجتماعي
بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى ( )
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن العاملين بشركة الاتحاد العربي للمقاولات صدرت لائحة لصندوق التكافل الاجتماعي بالشركة، وجاء في بنود هذا الصندوق ما يلي:
دفع رسوم اشتراك شهرية قيمتها (15) دينارا.
مساهمة الشركة في تمويل الصندوق بدفع (100%) من قيمة مساهمة العضو عن كامل العاملين.
تكون هيئة تنوب عن جميع الأعضاء مكونة من خمسة أعضاء موزعين على الإدارات.
تمنح الإعانات من هذا الصندوق في حالات: زواج المشترك إذا كان غير متزوج، والمواليد، وفي حالات الكوارث والحرائق، مكافأة نهاية الخدمة، والمساعدة عند أداء فريضة الحج، فما حكم إنشاء مثل هذا الصندوق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما جاء في مواد لائحة تأسيس هذا الصندوق لا حرج فيه شرعا، حيث إن الصندوق سيكون عونا على تزويج العزب، وعونا لمن نزلت به نازلة أو تحمل حمالة أو احتاج مالا، فهذا أمر مشروع محمود من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، قال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع خمسة عشر دينارا كل شهر إلى هذا الصندوق طواعية منه لا يدفعها ليغامر بها رغبة في كسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها حتى يدفعوها متعاونين ـ يكون مأجورا إن شاء الله، فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم) [البخاري: 2354]، فمال الأشعريين قد يصيب فيه أحدهم أكثر مما يصيب غيره، ومال الصندوق كذلك قد يصيب فيه أحد من المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فليس في مال الصندوق غرر، ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن، لكن المحذور الذي ينبغي التنبه إليه فيما يتعلق بصندوق التكافل الواقع في السؤال أو غيره ـ هو المصارف التي يصرف فيها مال الصندوق، فينبغي أن تكون كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه؛ لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) [ابن ماجه:1612]. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا