بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2860)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
خصَّ والدٌ أحدَ أبنائِه بهبة أرض، وحازها الابن وتصرف فيها في حياة أبيه، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الهبةَ لبعضِ الورثةِ دونَ البعضِ، إذا كانَ الغرضُ منها حرمانَ بعضِ الورثة والإضرارَ بهم، لا تجوز؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدلِ، قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [مسلم:1623]؛ ولكن إذا لم يكن الغرضُ من الهبة هو الإضرار، وإنما مراعاة الضعيف أو المريض، أو الأكثر بِرًّا وإحسانا؛ فقد يكون للهبة ما يبررها شرعًا.
ولا تتم الهبة إلا بالحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة” [الرسالة:117]، فإذا تمت الحيازة للموهوب له، وتصرف في الهبة تصرف المالك في مِلكه، قبل وفاة الواهب؛ فقد لزمت الهبة وصحت، وإذا لم يحز الهبة إلى أن مات الواهب، بأن بقيت الأرض تحت تصرف الأب إلى أن مات، فهي وصيةٌ لوارث، لا تصحّ، وتقسم الأرض المذكورة على الورثة الشرعيين، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/جمادى الآخرة/1437هـ
21/مارس/2016م