بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3608)
السيد: رئيس لجنة نازحي درنة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم إعطاء الزكاة لنازحي درنة، الذين تركوا ديارهم وأموالهم بسبب الحرب الشرسة، التي شُنّت عليهم، ونزحوا إلى المنطقة الغربية من البلادِ، ومِن هؤلاء مَن هو فقير، ومنهم من ترك كل ما يملك، بما في ذلك أوراقه الرسمية، وفي هذه العائلات الأطفال الرضّع، والعجزة، وأصحاب الأمراض المزمنة والأورام، فهل يجوز للجنة دفع الزكاة لهؤلاء النازحين، ومطالبة الجهات ذات الاختصاص – كصندوق الزكاة – بدعم اللجنة في هذا الأمر؟
والجواب كالآتي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالزكاة لها مصارف معلومة، قد بينها الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60]، وأهل درنة قد تسلط عليهم الظلمة، واستباحوا أموالهم وديارهم، مما اضطرهم إلى الخروج من بلادهم، تاركين وراءهم أقلّ ما يملكون، فعلى كل من يستطيع إعانتهم بشيء أن يفعل، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على إغاثة الملهوف في أكثر من موضع [البخاري: 1376،أبوداود: 4817]، وعلى الدولة أن تتحمل مصاريف مهجّري درنة، ويجب على لجنة النازحين حصر الأسر المهجّرة، والتي تحتاج إلى إعانات، وإعانتهم من أموال الزّكاة والصدقات، إنْ قصّرت الدولة في ذلك، فيجمعون لهم الزكاة، ويخاطبون صندوق الزكاة لإعانتهم في حصر الأسر، عن طريق بحّاثهم المتخصصون في هذا الشأن، وحصر الأسر ودمجها في الملفات المستحقة للزكاة، وتقديم الإعانات الشهرية لهم، وتكاليف إيجار البيوت والأدوية للمرضى، مما يوفّر لهم حياة كريمة، والعلماء ذكروا في باب الزكاة أنه يقدم مَن كان أشد حاجة وفقرًا، على مَن هو أحسن منه حالًا، قال الشيخ خليل رحمه الله: “وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ” قال الدردير رحمه الله شارحًا له: “أي المحتاج على غيره بأن يزاد في إعطائه منها” [الشرح الكبير:498/1]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24/شوال/1439هـ
8/يوليو/2018م