طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوىالمواريث والوصايا

لمن يكون حق القصاص في قتل العمد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3607)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توفي رجلٌ مقتولًا عمدًا، وخلّف زوجةً وأمًّا وابنًا صغيرًا، عمره أربع سنوات، وأرادَ أهلُ الجاني المصالحة على الدية، ولكن إخوة المقتول لم يوافقوا على الدية، وضغطوا على والدة المقتول كي لا تتنازل لعدة أسباب، بعد ما مالَت إلى التنازل، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا كلام لأم المقتول ولا لإخوته ولا لزوجته في العفو عن القاتل مقابل الدية، مع وجود العاصب، الذي هو الابن؛ لأن حق الاستيفاء في قصاص قتل العمد إنما هو للعصبة، ويرتَّبونَ على ترتيبهم في الميراث، قال الخرشي: “والاستيفاء للعاصب كالولاء إلا الجد والأخ فسيان”[شرح الخرشي:9/6].

وبما أن ابن المقتول صغير قاصر، فالنظر لوليه، يفعلُ الأصلح له، فإن رأى المصلحة في أخذ الدية كاملة، وترك القصاص، كان له ذلك، ولا يجوز له أن يصالح على أقل مِن الدية الكاملة، إذا كانَ القاتلُ مليا، وحق الصغير في الدية ثابتٌ إنْ عفَا وليه، قال العدوي: “لو كان مستحقّ الدم هو الصغير وحده، فإن وليه من أب أو وصي أو غيرهما ينظر في أمر محجوره، فإن رأى القصاص هو الأصلح في حق محجوره اقتص له من الجاني، وإن رأى أخذ الدية الكاملة هو الأصلح في حق محجوره أخذها، ولا يجوز للولي أن يصالح على أقل من الدية، حيث كان القاتل مليّا” [حاشية العدوي على شرح الخرشي: 23/8].

فإن لم يكن للصبي ولي منصب شرعا، فعلى الورثة أن يرفعوا أمره إلى القاضي، ويولي عليه الأصلح من قرابته أو من غيرهم.

وقد رغبت الشريعة في العفو عن القاتل، إن هو تاب وأناب؛ لما فيه من مصلحة إحياء نفسٍ مسلمةٍ، قال الله عز وجل: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة:32]، والعفو المرغب فيه في هذه المسألة مشروط بما تقدم، من وجود المصلحة، وكونه على دية كاملة إن كان الجاني مليا، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                            

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

21/شوال/1439هـ

05/يوليو/2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق