طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

شرط نقد الثمن في بيع الخيار

إمهال البائع للمشتري وقتا لرد البضاعة أو استبدالها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4500)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم ما يفعله بعض أصحاب محلات الملابس، من إمهال المشتري أربعًا وعشرين ساعة أو أقل أو أكثر، لرد أو استبدال ما اشتراه من ملابس؟ علما أن البائع يشترط على المشتري تعجيلَ دفعِ الثمن.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالبيع الذي يُمهِلُ فيه البائعُ المشتريَ مُدة أربع وعشرين ساعة أو نحوها لردِّ السلعة، هو بيعٌ على الخيار، والبيع على الخيار يَفسُدُ إن اشترط فيه البائع النقد -أي: دفْعَ الثمن مُعجّلا عند التعاقد- عند علماء المالكية رحمهم الله، ولا يَفْسُدُ إن تطوع المشتري بدفعه بعد عقد البيع، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ إذَا وَقَعَ (بِشَرْطِ النَّقْدِ) لِلثَّمَنِ؛ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُنْقَدْ بِالْفِعْلِ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ” [الشرح الصغير: 3/138]، وأجاز الجمهور غير المالكية اشتراط النقد في بيع الخيار، قال المزني رحمه الله: “(قَالَ الشَّافِعِيُّ): … وَلَا بَأْسَ بِنَقْدِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ” [مختصر المزني: 173]، وقال ابن قدامة رحمه الله: “وَلَا بَأْسَ بِنَقْدِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ” [المغني: 3/493]، وأما تبديل السلعة قبل المدة المذكورةِ فلا بأسَ به، إن وقع البيع على خيار المشتري، أو وقع على اللزوم وكانت السلعتان من نوعٍ واحدٍ دون اختلاف، أما إن اختلفت السلعتان اختلافًا بيّنا فهو من البيعتين في بيعة المنهي عنه، قال الدردير رحمه الله: “(وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ … يَبِيعُ (سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) جِنْسًا كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ، أَوْ صِفَةً؛ كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ؛ وَالْمُرَادُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى اللُّزُومِ بِعَشَرَةِ، فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُثْمَنِ حَالَ الْعَقْدِ” [الشرح الصغير: 3/93-94].

عليه؛ فلا بأس في اشتراط البائع على المشتري تعجيلَ دفع الثمن عند التعاقد-والبيع على الخيار-؛ عملا بما ذهب إليه الجمهور لعموم البلوى به في البلد، واشتراطُ التبديل جائزٌ كذلك إنْ وقع البيعُ على الخيار مطلقًا، أو وقع على البتِّ (اللزوم) لإحدى السلعتين، إن كانت السلعتان مِن نوعٍ واحدٍ دون اختلافٍ بيِّنٍ بينهما، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27//رمضان//1442هـ

09//05//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق