طلب فتوى
الفتاوىفتاوى الشهادة

شهداء سجن أبي سليم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1158)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

          تعلمون مدى القمع الذي ارتكبه النظام السابق ضد أبناء الشعب الليبي، وخاصة فئة الشباب الملتزم بالشرع الحنيف، ووصفهم بأبشع الصفات، وألصق بهم التهم والشائعات، ومنها صفة (الزنادقة)، و(الإرهابيين)، و(الكلاب الضالّة)، ومن خلال مراجعة الرابطة للمؤتمر الوطني، والحكومة الليبية المؤقتة، ومطالبتهما بضم أسر الشهداء لوزارة رعاية أسر الشهداء والمفقودين، واعتبار الضحايا من الشهداء، بمنحهم المزايا التي يجيزها القانون للشهداء وذويهم؛ نأمل منكم تزويدنا بفتوى شرعية بالمعنى الصحيح لصفة زنديق، وعلى من تطلق، وتبرئة الشباب الملتزم من هذا الوصف، وكذلك تصنيف ضحايا مذبحة أبوسليم 1996م، وهل تطلق عليهم صفة الشهداء، وكيف تتمّ معاملتهم؟

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

فالزنديق لفظ استعمل فيمن يقول بأزلية العالم، تم تُوسع فيه، حتى أصبح يطلق على كل من يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، جاء في القاموس المحيط: “زنديق؛ وهو الذي يؤمن بالزندقة، والزندقة هي القول بأزلية العالم، وتُوسِّع فيه، فأصبح يطلق على كل شاك أو ضال أو ملحد” [القاموس المحيط:242/3].

فيجب تنزيه الشباب الملتزم عن هذا الوصف، وعلى من يصفهم بهذا أن يتقي الله تبارك وتعالى؛ لأن الاستهزاء بأهل الدّين لدينهم استهزاء بالدينِ نفسه، ويُخشى على من فعل ذلك أن يكون من الهالكين، قال تعالى: )قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ(؛ ففي المسند: (أن رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: ما لقرائنا هؤلاء أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء؟ فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنّك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه. قال زيد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فنظرت إليه متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، يقول: (إنما كنا نخوض ونلعب)! فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون)[تفسير الطبري: 172/10].

أما حكم من مات في سجن أبي سليم فهو ممن نحسبهم شهداء – إن شاء الله تعالى -؛ لأن ما ماتوا عليه يعتبر من الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، وهو التصدي للسلطان الجائر؛ كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) [المستدرك:215/3]، ويحكم لمن جاد بنفسه في سبيل الله تعالى بالشهادة إن شاء الله، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                       مفتي عام ليبيا

7/جمادى الآخرة/1434هـ

2013/4/18

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق