طلب فتوى
الزكاةالعباداتالفتاوى

صرف الزكاة لدفع العدو الصائل

حكم نقل أموال الزكاة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3890)

 

السيد/ رئيس حملة بادر لأجل الوطن.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم دفع الزكاة للمجاهدين المدافعين عن طرابلس من خلال الحملة – خصوصا من المقيمين خارج البلاد – حيث تقوم الحملة بدعم المجاهدين بالأغذية والأدوية والثياب والفرش، وغيرها من الدعم اللوجستي، وهذا بالتنسيق مع المجلس العسكري مصراتة والغرفة الميدانية.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فيجوز – بل قد يجب – دفع الزكاة وكذا الصدقات لهؤلاء المجاهدين، الذين يبذلون أرواحهم لحماية العاصمة وما حولها لدفع العدو الصائل – الواجب قتاله – عن الأهالي وممتلكاتهم، وهو داخل في سبيل الله، قال ابن العربي رحمه الله: “قَوْله تَعَالَى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ مَالِكٌ: سُبُلُ اللَّهِ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبِيلِ اللَّهِ هَاهُنَا الْغَزْوُ مِنْ جُمْلَةِ سَبِيلِ اللَّهِ … وَيُعْطَى الْغَنِيُّ عِنْدَ مَالِكٍ بِوَصْفِ سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ أَوْ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ، وَكَفِّ الْعَدُوِّ عَنْ الْحَوْزَةِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مِنْ سَبِيلِ الْغَزْوِ وَمَنْفَعَتِهِ” [أحكام القرآن: 1/369].

وأما نقل الزكاة لهم من خارج البلاد، فالأصل في صرف الزكاة أن يكون في البلد الذي وجبت فيه الزكاة؛ لقول رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) [البخاري: 1496]، إلاّ إذا كان الناس في البلد البعيد أشد حاجةً وفقراً، فيندب نقلها إليهم إيثاراً للمضطر، قال القرطبي: “وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ أَنَّ بِبَعْضِ الْبِلَادِ حَاجَةً شَدِيدَةً جَازَ لَهُ نَقْلُ بَعْضِ الصَّدَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِغَيْرِهِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِذَا نَزَلَتْ وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ (وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ)” [الجامع لأحكام القرآن: 8/175]، وسواء كان دفعها عن طريق هذه الحملة أو غيرها، ممن يقوم على إيصال المعونات لهم، لتنفق في كافة احتياجاتهم، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

04/رمضان/1440هـ

09/05/2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق