طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

طلاق معلق وطلاق حال إغلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5005)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حصل خلافٌ بيني وبين زوجتي، بسبب أمورٍ اجتماعية، وقلت لها: (لو أخبرتِ أهلك بهذا الخلاف فأنتِ طالق)، وبعدها أخبرتْ أهلها عن هذا الخلاف، ولما علمتُ بأنها أخبرتْ والدها وإخوتها غضبتُ، ولم أتمالكْ نفسي، واتصلتُ بها، وشتمتها كثيرًا، وبعد نصف ساعة اتصلتْ أمُّ زوجتي بأختي تشتكي، وقالت لها: (كيف يطلقها بالثلاثِ)، وأنا لا أتذكرُ أني تلفظتُ بالطلاق أبدًا، ولم أقصدهُ، فما حكم هذا الطلاق؟ مع العلم أَني لم أطلِّق مِن قبل.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذة بالأقوالِ والأفعالِ، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقولُ، فالطلاقُ واقعٌ، وأما إن كانَ المطلقُ شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، قال الصاوي رحمه الله : “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 351/2]، والطلاقُ المعلقُ على شيءٍ، لا يقعُ إلا إذا وقع المعلَّق عليه؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّة إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابنُ عُمَر رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بَتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ عَلَيهِ شَيءٌ” [البخاري: 45/7].

عليه؛ فإن الطلاق الأولَ – الذي علقه الزوج على إخبارِ زوجته لأهلها بالخلاف الذي وقع بينهما – واقعٌ، ويلزمُهُ؛ لوقوع الإخبار منها، أما الطلاقُ الثاني، الذي ادُّعي عليه به، وهو لا يدري بأنه صدر منه فلا يلزمه، وتلزمُه الطلقة الأولى فقط، وهي رجعيةٌ، ويمكنه إرجاعُ زوجته إذا لم تنقضِ عدتُها، قال ابن عبد البر رحمه الله: “إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الطَّلَاقَ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ؛ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ، دُونَ صَدَاقٍ، وَلَا وَلِيٍّ” [الكافي في فقه أهل المدينة: 617/2]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28//ربيع الأول//1444هـ

24//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق