2023البياناتبيانات مجلس البحوث الشرعيةصادر الدار
قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء رقم (03) لسنة 1445هـ بتحريم الترشيح لولاية رئاسة الدولة لمن يحمل جنسية دولة غير مسلمة.
قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء
رقم (03) لسنة 1445هـ بتحريم الترشيح لولاية رئاسة الدولة لمن يحمل جنسية دولة غير مسلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول اللهِ، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنّ مِن القواعدِ المقرّرة شرعًا، أنّ الشريعةَ مَبناها على تحصيلِ المصالحِ وتكميلِها، وتعطيلِ المفاسدِ وتقليلِها، وأنّ درءَ المفاسدِ ومنعَها، أوْلى مِن جلبِ المصالحِ وتحصيلِها. وقدِ استقرَّ في أعرافِ الأُممِ وقوانينِها، منعُ أصحابِ الجنسيةِ المتعددةِ مِن توليةِ قيادةِ الدولةِ السياسية، وذلكَ لأنّ المقرّر قانونًا أنّ الجنسيةَ هي: رباطٌ قانوني وسياسي، يربطُ بين الفرد والدولة، يتعهد بمقتضاه الفردُ بالمحافظة على مصالح بلادهِ والولاءِ لها، وتتعهد الدولةُ بحمايته ورعايةِ مصالحهِ.
ونظرًا لوضوحِ المفاسدِ والشرورِ، المترتبةِ على توليةِ مَن يحمل أكثرَ من جنسيةٍ قيادةَ الدولةِ ورئاستَها، وما يترتّب على ذلك مِن التضاربِ بين مصالحِ ومواقفِ بلاده الأصلية، والبلادِ التي يحمل جنسيتها، فقد اتّفقت قوانينُ الدول والأمم المعاصرة؛ على أنه يشترط فيمن ينتخبُ رئيسًا للدولة أن يكونَ من مواطني الدولة الأصلية، وأن لا يحملَ أكثرَ مِن جنسيتِها، بل اشترطَ بعضُهم أن يكونَ مِن أبوين ينتميان إلى نفسِ الدولة، وأن لا يكونَ متزوجًا مِن غير أهلِ تلك الدولة، كل ذلكَ مِن أجل دفعِ المفاسدِ، والحرصِ على المحافظةِ على الأمنِ القومي للدولةِ ومصالحها، ويزدادُ توقّع المفاسد المضرَّةِ بالعقيدة والهَوّية والوطنِ والدولةِ والمجتمع، إذا كانَ المترشحُ لرئاسة الدولةِ يحملُ جنسيةً أخرى لدولةٍ غيرِ مسلمة، وذلك لتعارضِ الولاءِ والبراءِ، الذي يقوم عليه إيمانُ المسلم، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) [الممتحنة:1]، وقال تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ) [المائدة:51].
ولقد منعَ الفقهاءُ الولايةَ بسبب تضاربِ المصالح، ومِن ذلك منعُ تولية الخصمِ وكيلًا عن خصمهِ، وأمرُ رئاسة الدولة وولاية المسلمينَ أعظمُ شأنًا وأخطر.
وعليه؛ فإنّ مجلسَ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاءِ الليبية -وبعدَ النظرِ وتداولِ الرأيِ في الاستفتاءِ المقدمِ إليه، بشأنِ ترشح مزدوجي الجنسيةِ لرئاسةِ الدولةِ -قد قررَ ما يلي:
تحريم التقنينِ الذي يسمحُ لمَن يحمل جنسية دولة غير مسلمةٍ بالترشحِ لمنصبِ رئيس الدولةِ، أو التعيينِ في منصبِ رئاسةِ الحكومة.
وصلَّى اللهُ على سيدِنا محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعينَ.