طلب فتوى
البيعالشركةالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

قسمة مراضاة ماضية لازمة

قسمة المراضاة من العقود اللازمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3882)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

وقع صلح بقسمة أرض عن تراضٍ سنة 1989م، وصدر بها حكم من المحكمة في مراحل التقاضي الثلاث، ثم بعد سنوات اعترض أحد الأطراف على القسمة، ولكن مضت، إلى أن طلب أحد الورثة الآن بعد ثلاثين سنة النقض بدعوى الغبن، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا كان الواقع كما ذكر في السؤال، فإنّ القسمة التي تراضيتم عليها ماضيةٌ لازمةٌ، ولا يحقُّ لأحد الرجوع عنها، ولو حصل بها غبنٌ، ما دام الجميع قد رضُوا بها، وكانوا بالغين راشدين، ومضت على القسمةِ مدَّةٌ طويلةٌ، سنة فأكثر؛ لأنها من العقود اللازمة، قال ابن رشد رحمه الله: “الْقِسْمَةُ مِنَ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، فَإِذَا وَقَعَتْ… بِوَجْهٍ صَحِيحٍ جَائِزٍ لَزِمَتْ” [المقدمات الممهدات: 3/104]، وقال الباجي رحمه الله: “وَأَمَّا قِسْمَةُ المْرَاضَاةِ بِغَيرِ تَقْوِيمٍ وَلاَ تَعْدِيلٍ، فَهْوَ أَنْ يَتَرَاضَى الشُّرَكَاءُ عَلَى أَن يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا عُيِّنَ لَهُ، وَيَتَرَاضَوْا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَلاَ تَعْدِيلٍ، فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ تَجُوزُ فِي المُخْتَلِفِ مِنَ الْأَجْنَاسِ، وَلاَ قِيَامَ فِيهَا لمِغْبُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مَا صَارَ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى قِيمَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَلاَ ذَرْعٍ مُقَدَّرٍ، وَلاَ عَلَى أَنَّهُ مُمَاثِلٌ لِجَمِيعِ مَا كَانَ لَهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ حَقِّهِ، سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا الضَّرْبُ أَقْرَبُ إِلَى أَنَّهُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ” [المنتقى: 5/391]، لاَ سِيَّمَا وَقَدْ صدر حكم من المحكمة بإقرار هذه القسمة، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

24/شعبان/1440هـ

29/04/2019م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق