بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3289)
الأستاذ/ رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال التالي:
(قام بعض أهل الخير بحملة لتنظيف مقبرة سيدي منيدر، وقد وجدوا كثيرا من القبور مفتوحة، وفي بعضها بقايا من رفات وعظام، وبعض القبور فارغة، وقد احتاروا في كيفية التعامل معها، فهل يمكن نقل الرفات إلى قبر آخر؟ وهل يمكن الانتفاع بهذه القبور والدفن فيها؟ نأمل منكم أن توضحوا لنا كيفية التعامل مع هذه القبور، بما يتوافق مع الشرع، وجزاكم الله خيرا).
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن القبر حُبس على صاحبه، ويحرم التعرض له مادام به شيءٌ مِن عظامِه؛ فقد صح عن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم أنّه قال: (كسر عظمِ الميتِ ككسرِهِ حيًّا) [أبوداود:3207،ابن ماجه:1684]، وقال ابن الحاج رحمه الله: “العلماء ـ رحمة الله عليهم ـ قد اتفقوا، على أن الموضع الذي دفن فيه المسلم وقفٌ عليه، ما دام منه شيء ما موجودا فيه، حتى يفنى، فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه، فإن بقيَ شيء ما من عظامه فالحرمة قائمة كجميعِهِ” [المدخل:17/2].
وعليه؛ فلا يجوز التعرض للقبور التي وجد بها بقايا من رفات الميت، وأما القبور التي بليت عظام الموتى بها، ولم يبقَ بها شيء من أجزاء الميت، فلا مانع من الدفن فيها مِن جديدٍ، بعدَ إذنِ جهاتِ الاختصاصِ؛ قال الدردير رحمه الله: “إذا علم أنّ الأرضَ أكلته، ولم يبقَ منه شيءٌ مِن عظامٍ فإنه يُنبشُ، لكن للدفنِ، أو اتخاذِ محلّها مسجدًا، لا للزرعِ والبناءِ” [الشرح الصغير:1578].
والقبور في الغالب لا تفتح من تلقاء نفسها، بل بفعل فاعل، فينبغي على جهات الاختصاص الحفاظ على قبور الموتى، من العبث والنبش وسرقة الأعضاء، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18/شعبان/1438 هـ
15/مايو/2017م