طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

ما الأحكام التي تترتب على الخلع؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4987)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

هجرَتْ زوجتي بيت الزوجية منذ سبعِ سنوات، وباءتْ كل محاولات إصلاح العلاقة بيننا بالفشل، فطلَبتْ مني الخلع، مقابل التنازلِ عن كل حقوقها، ما عدَا حضانة الأطفال، فما حكم الشرع في ذلك؟ وما هي الشروط التي يمكنني اشتراطها عليها مقابل الخلع، غير حضانة الأولاد؟ علما أني لم أدفع لها مؤخر صداقها.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ هجرانَ الزوجة لبيتِ زوجها، مِن غير ضرر شرعي واقع عليها، يعدُّ نشوزًا؛ قال الدردير رحمه الله: “النُّشُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ، كَأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لِمَحِلٍّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ فِيهِ” [الشرح الكبير:343/2]، ومن حق الزوج أن يأخذَ من المرأة الناشز ما تعطيهِ إياه مقابلَ الخلع، ما دامَ برضاها، ولم يكن عليها ضررٌ من الزوج، قال سحنون رحمه الله: “قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النُّشُوزَ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ أَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَتْهُ عَلَى الْخُلْعِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهَا. قُلْتُ: وَيَكُونُ الْخُلْعُ هَهُنَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ”[المدونة: 241/2]، والخلع طلاقٌ بعِوض، فيعد تنازلها عن كل حقوقها بما في ذلك مؤخر صداقها مشروعا في المعاوضة عن طلاقها؛ إذ ليس للمختلعة حقٌّ في النفقة أو الكسوة، بل لها الحقّ في السكنى مدةَ العدة، فليس للزوجِ أن يشترطَ عليها الخروجَ من منزله المملوكِ له، لكن له أن يشترط عليها في الخلعِ أن تدفعَ أجرةَ الكراء، سواء كان المنزل مملوكًا لغيره، أو كان مملوكًا له وحدَّد لها أجرةً، قال البراذعي رحمه الله: “وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لاَ سُكْنَى لَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ إِلْزَامَهَا كِرَاءَ الْمَسْكَنِ جَازَ ذَلِكَ إِن كَاَن الْمَسْكَنُ لِغَيْرِهِ، أَوْ كَانَ لَهُ وَسَمَّى الْكِرَاءَ، وَإِن كَانَ عَلَى أَن تَخْرُجَ مِن مَسْكَنِهِ، تَمَّ الْخُلْعُ وَلَمْ تَخْرُجْ، وَلاَ كِرَاءَ لَهُ عَلَيْهَا”[التهذيب في اختصار المدونة: 387/2]، كما يجوز في الخلع أن يشترطَ الزوجُ أن تنفقَ الزوجة عليه أو على ولده، أو على كلٍّ منهما، مدةً محددةً معلومةً، قال التسولي رحمه الله: “الْعَمَلُ جَرَى بِجَوَازِ الْخُلْعِ بِالْإِنْفَاقِ الْمَحْدُودِ الْأَجَلِ كَأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، أَوْ إِلَى حَدِّ سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنهُ شَرْعًا وَنَحْوِ ذَلِك… وَقَوْلُهُ: “بَعْدَ الرَّضَاعِ” يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْوَلَدِ الَّذِي تُرْضِعُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ نَفْسِهِ أَوْ نَفَقَةَ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيرِهَا أَعْوَامًا مَعْلُومَةً كَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَنَحْوِهَا لَجَازَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى مَا بِهِ الْعَمَل كَمَا فِي الْمِتِّيطِيَّةِ” [البهجة في شرح التحفة: 555/1]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//ربيع الأول//1444هـ

02//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق