ما حكم إعادة الورثة قسمة المراضاة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2905)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قسمة مراضاة تمت بين ورثة (ع)، بحضورهم جميعا، وتوقيعهم، وشهادة الشهود؛ كما في الوثيقة المرفقة، وأخذ كل منهم نصيبه، واستغله بالبناء والغرس وتغيير المعالم، ونحو ذلك، ونسبه الناس إليه من تاريخ المقاسمة إلى اليوم، فما حكم ذلك؟ وهل من حق أحدٍ مِن ورثتهم الاعتراض، والمطالبة بإعادة القسمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القسمة إذا وقعت بطريقة صحيحة فهي لازمة، وقسمة المراضاة إذا وقعت من غير تقويم وتعديل فهي صحيحة، ولا يرد فيها بالغبن، ولو كان فاحشًا ؛ فلا يجوز لأحد المتقاسمين نقضُها، ولا الرجوع عنها، ولو كان الفرق بين الحصص كبيرا؛ لأنهم دخلوا فيها على الرضا، قال الدردير رحمه الله: “( كالمراضاة) فينظر فيها عند دعوى أحدهما الجور أو الغلط، (إن أدخلا) فيها (مقوما) يقوم لهما السلع أو الحصص؛ لأنها حينئذ تشبه القرعة، بخلاف ما لو وقعت بلا تعديل وتقويم، فلا تنقض ولو ظهر التفاحش، ولا يجاب له مَن طلبه؛ لدخولهم على الرضا” [الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي:512/3].
وهذا التفصيل محله إذا لم تمر مدة طويلة على القسمة، كالعام ونحوه؛ فإذا طال الزمن فلا تنقض القسمة بجميع أنواعها؛ قال الدردير رحمه الله: “وهذا ما لم تطل المدة كالعام، أو مدة تدل على الرضا بما وقع، حيث كان ظاهرًا لا خفاء به”، وعلق عليه الدسوقي رحمه الله بقوله: “حاصل الفقه أن محل نقض القسمة إن قام واجِده بالقرب، وحَدَّهُ ابنُ سهلٍ بعام، والظاهر أن ما قاربه كنصف سنة كهو، وأما إن قام واجده بعد طول فلا نقض” [الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي:512/3].
وعليه؛ فالقسمة المسؤول عنها لازمة، وليس لأحد نقضها، بعد مرور هذه المدة الطويلة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04/رجب/1437هـ
12/أبريل/2016م