طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

ما حكم زواج الزاني بمن زنى بها وهي حامل وما حكم نسبة الولد له عند الفقهاء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2904)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

وقع رجل وامرأة في فاحشة الزنا، وأقرّ كلٌّ منهما بذلك، فهل يجوز أنْ يعقدَ عليها؟ علمًا بأنها حاملٌ في الشهر الرابع، وهلْ يُنسب الولد للزاني؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ عقد الزواج على المرأة الحاملِ، ممن زنى بها، قبل وضع حملها؛ مُختلفٌ فيهِ بين الفقهاء، فمَنَعَ ذلك المالكيةُ والحنابلةُ قبل وضع الحملِ، سواء مِن الزاني نفسه، أو من غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا توطأُ حاملٌ حتى تضعَ) [أبو داود:2157]، وذهب الشافعية والحنفية إلى جواز نكاح الحاملِ من الزنى؛ لأنه لا حرمةَ لماء السّفاح؛ فلا يثبت به النسب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الولدُ للفراشِ وللعاهرِ الحَجر) [البخاري:2053، مسلم:1457].

وعليه؛ فلا بأس بعقد زواج المذكورين في السؤال؛ أخذا بمذهب الأحناف والشافعية، وهو قول معتبر، سترا لهما ولأهلهما، وسدا لباب الفتن بين العائلات.

وأما نسبةُ الولد إلى الزاني، فالأصل الذي عليه جمهور أهل العلم؛ أنّ ولد الزنى يُنسب لأمه، ومِن أهل العلم من يُجوّز نسبته إلى الزاني، وهو قول إسحاق بن راهويه، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح رحمة الله عليهم، وهو منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله، مستدلا بحديث جريج الراهب، عندما رمته امرأة بالزنى، وكانت قد زنت مع أحد الرعاة، وولدت غلامًا، وفيه قول جريج للغلام: “مَن أبوك؟”، فقال الغلام: “فلان الراعي” [البخاري:2482،مسلم:2550]، وقال ابن القيم رحمه الله في الاستدلال به: “وهذا إنطاق من الله لا يمكن فيه الكذب” [زاد المعاد:385،381/5].

وعليه؛ فلا بأس من الأخذ بقول هؤلاء الأئمة؛ نظرًا لتشوُّف الشارع لحفظ الأنساب، ورعاية الأولاد، وحمايتهم مِن التشردِ والضياع، وفي نسبة ابن الزنا لأبيه تحقيقٌ لهذه المصلحة، وتتميمٌ للستر، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                                  

                                                                       غيث بن محمود الفاخري

                                                                      نائب مفتي عام ليبيا

04/رجب/1437هـ

12/أبريل/2016م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق